ورأيتُ الشيخ الأكبر قُدَّس سرّه ذَكَرَ: أنه رأى رجلًا من أهل المحبة في مجلس، فتكلما فيه رجل على المحبة، فأخذ ذلك المحبُّ يذوب جسمه حتى عاد نطفة، فقام بعض الحاضرين وأخذ تلك النطفة فوضعها في قطنة ووضع القطنة في شق الحائط (١)!!
قلتُ: ولم أرَ من تكلم في الحديث بما ذكرتُه.
واعلم أنَّهم فرَّقوا بين العام المخصوص والذي أُريد به الخصوص بفروق، منها: أنَّ العام المخصوص قرينته لفظية كالشرط والاستثناء وغيرهما، والعام الذي أريد به الخصوص قرينته عقلية. ومنها: أنَّ العام المخصوص مستعمل فيما وضع له فهو حقيقة، والذي أريد به الخصوص مستعمل في غير ما وضع له فهو مجاز، وذلك كقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ﴾ [آل عمران: ١٧٣]؛ لأنَّ المراد بالناس الأُولى رجل واحد وهو نُعَيْم بن مسعود الأشجعي (٢)، وكقوله: (أَو
_________
= بلفظ: "أكثروا ذكر الله حتى يقولوا مجنون". ورواه أبو يعلى في مسنده ٢/ ٥٢١، ح ١٣٧٦، من حديث أبي سعيد أيضًا بلفظ: "اذكروا الله ذكرًا كثيرًا حتى يقولوا مجنون".
ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ١٠/ ٧٥ - ٧٦، وقال: رواه أحمد وأبو يعلى، وفيه دراج وقد ضعفه جماعة، وبقية رجال أحد إسنادي أحمد ثقات.
(١) هذا الكلام عجيب جدًا، بل لا يعقل ولا يصح ولو رآه شيوخ الدنيا كلها، وليت المؤلف اكتفى بما تقدَّم من نُقول عن الِإمام السبكي، ففيها شفاء واكتفاء، وعليها التعويل في فهم كلامه ﷺ.
(٢) هو قول مجاهد وعكرمة ومقاتل في آخرين، وللمفسرين في تأويل الآية أقوال أخرى. ينظر: زاد المسير لابن الجوزي ١/ ٥٠٤.
ونعيم بن مسعود صحابي أسلم زمن الخندق، وهو الذي خذَّل المشركين وبني =
1 / 37