11
ساعة حتى جاءها الفرج؛ فالقرويون لا يحالفون الدهر على المنكوب منهم. هذه أختها وغير أختها يملآن البيت، كل واحدة منهن تتقدم لتربي لأم يوسف علبة البزر، وها هن قد أفرغنها في خريطة يكتب عليها اسم قرياقوس بالقلم الثخين، وها هن ذاهبات بها إلى المدخن؛ حيث يحتضن بزر القرية كله، وحديثهن يحوم حول موضوع النخوة والمروءة والمعروف، وصوت قرياقوس العريض يرن في آذانهن: الله يقدرنا على مكافأتكم.
تذكر في تلك الساعة سند ملحم، فشكرهن من صميم قلبه، واستراحت أم يوسف من همها النابغي؛
12
فمصيبتها في علبتها أكبر من مصيبتها بزوجها.
إن ولع القرويات بتربية دود القز كولع المدنيات بكلابهن وقططهن، والمباراة الشيقة تقع عند فطام القز؛ فكل واحدة تباهي بإقبال موسمها، وتعتد بخبرتها واقتدارها. وتحتدم هذه المباراة في أوائل حزيران؛ إذ تشرع أبواب البيوت، وتنزع الطباق عن السدة؛ فلا يبقى عليها غير الشيح
13
المثقل بالشرانق - الفيالج - وإذا بلغ الموسع أقصى حدود الإقبال رأيت السقف مرصعا بالفيالج من فضية وذهبية، وتبدو الحيطان للناظرين كأنها مغطاة بستائر حريرية زركشتها يد فنان حاذق.
منظر فتان تخلعه تلك الدودة الضعيفة على تلك البيوت الحقيرة؛ فهو أوقع في نفوس الناظرين من منظر الثمر على الشجر، ومن مشهد السهل الخصيب، الحانية سنابله رءوسها، كأنها آلاف المؤمنين في الحقل، وقد دق جرس الظهر للتبشير.
أما نحن الصغار فكنا ننتظر ذلك الوقت لشراء الحلاوة والخواتم والصفارات التي نزعج بها القرية أياما. إذا أقبل الموسم شبعنا حلاوة وكثرت اللعبات بين أيدينا، أما إذا محل فتنقبض وجوه ذوينا، ولا نرى في القرية بياعا ينادي على الحلاوة وأخواتها من طرف الموسم. •••
ناپیژندل شوی مخ