173

الفصل الثالث عشر

تحصيل الميرة

وتحير المعسورون في أمرهم، فتأدية الميرة مثل أمر الموت لا مهرب منه ولا مناص. «الحوالي»

1

لا يرحم، فإما الدفع وإما الحبس في قبو البقر، وإما احتلال البيت إذا كان عند صاحبه عرق ونبيذ وألبان وأجبان وجوز ولوز ودخان كوراني وديوك ودجاج وشعير لعليق الدواب. لا يحل المشكلة إلا الدفع، ومن أين المال وموسم الحرير ماحل؛ فهو يكاد لا يسدد ما استدانه الفلاح في بحر السنة. وأصحاب دكاكين جبيل والتبرون يتأبطون دفاترهم، ويخرجون من باب بيت ليدخلوا بابا آخر، فلا يذهب غاو حتى يجيء مشتاق.

أكل المزارعون مواسمهم قبلما نضجت، فماذا يقولون للذين سلفوهم على حاصلاتهم؟ فما قبضوه ثمن شرانق قد طار، فكيف يسددون ما يصيبهم من مال الأرزاق ومال الأعناق عن الأحياء والموتى ... كان موسم الموت مقبلا هذا العام، فقد زار الجدري الضيعة، وكان أثقل عليهم من فارس آغا، ودابته التي لا يعلق لها إلا الشعير المغربل. وهناك مالت الطرقات والضرائب والمحصول والمصارفات، فهو فوق الطاقة.

صحيح أنها نتف، ولكن القلم جماع، والشيوخ الذين يعفيهم الشرع من التكاليف كثار؛ ولهذا قال الشاعر:

وقد رفع الله أقلامه

عن ابن الثمانين دون البشر

الآغا غاب ... ولكنه راح وسوف يعود بعد أسبوع، فمن أين يجد المعسور مالا ليؤدي ما عليه للحكومة، وممن يقترض وكلهم في الهوا سوا؟ ضيق وعسر. ولذلك ترى الذين يدهم قصيرة في وجوم، يخافون الأحد القادم خوفهم من عزرائيل قباض الأرواح.

ناپیژندل شوی مخ