فصاح: لا مقبولة ولا شيء. لا تصدق يا مارون.
وفي المساء سألت جدي عن معنى كلمة «السادومية»، فاضطرب وقال: وممن سمعتها؟
فقلت: من خوري مسرح، ورويت له ما سمعت منه حرفا حرفا.
لم يقل لي جدي أين قرأتها؛ لأنها لفظة لا يقع عليها إلا الراسخون في علم اللاهوت، وأنى لمراهق مثلي أن تصل يده إلى خبايا كتاب اللاهوت الأدبي وما فيه من أخبار نظيفة ... ثم اختصر جدي الحديث، ولم يزد على قوله: إياك تروح صوبه بعد، أنا أعلمك وأبعتك بعد حين إلى أكبر مدرسة. وقام وهو يقول: زعزع الخوري إيمان الصبي، وعلمه ما لا يعلمه من أخبار الفسق والفجور والكفر. ماذا تنفع خوري مسرح بتوليته ومعرفته علم الشريعة إذا كان بلا إيمان ولا يقدر العواقب ويشكك الناس.
أما الخوري فهو لم يتعلم الحقوق ليتعيش بعلمه، بل ليدافع عن وقفيته التي أضاف إليها جميع أملاكه الخاصة، وجعل الجميع تحت سلطة البابا ليتخلص من البطرك الماروني وتسلطه عليه.
وعلى ذكر الحقوق نروي هنا عنه نادرة تدل على قلة كياسته. قيل إنه كان مرة عند البطرك بولس مسعد المؤرخ اللبناني، مؤصل الأسر اللبنانية، فسأل البطرك الخوري يوسف عن حاله، وكيف هو وعلم الشريعة؟ فأجاب الخوري البطريرك: علم الشريعة هين جدا. لا يصعب على غبطتك، إذا قصدت أن تتعلمه. فزأره البطريرك ثم صرفه من حضرته بلباقة وكياسة.
وظل خوري مسرح صديقا للبطرك حنا الحاج طوال أيام رئاسته، وصادق بعده المطران يوسف بو نجم، داهية الموارنة الإكليريكيين. كان يعلق الخوري يوسف على تلك الصداقة آمالا كبارا ... إلا أن أمله خاب إذ مات البطرك يوحنا، وفاز المطران إلياس الحويك بالبطركية، وبايعه أبو نحم وإن لم يحز ثلثي الأصوات؛ خوفا من تدخل رومية الذي يجيزه لها المجمع اللبناني عند وقوع الخلاف على انتخاب البطريرك، وتعيين من تريد هي بطريركا، وتلك مشكلة الموارنة الأبدية. نزاع دائم على الحقوق بين البابا أسقف رومية وبين البطريرك الماروني أسقف أنطاكية.
وظل أبو نجم يعطف على الخوري يوسف، ولا يدخن إلا التبغ الجبيلي المشهور بالكوراني، وهو مما تنتج أجوده أرض عين كفاع، وهذا بالطبع مفروض على الخوري لسيده المطران؛ ليحمي ظهره من الدسائس، ويكون في عونه على من يشاكسونه
6
وينصره ظالما أو مظلوما.
ناپیژندل شوی مخ