وظلت تثرثر حتى قالت: وإذا قدس الخوري في بيتكم مثلما قدس في بيت بوحيص - جرجس طنوس - استرحت طول العمر.
وتحرك قرياقوس في فراشه، فالتفتت الهركولة صوبه ولكنها لم تسكت، بل قلبت الأسطوانة، وقالت: انتبهي لزوجك يا مستورة، كثري له الأكل، زوجك ضعيف لا يقويه إلا الأكل ... الرجل عمود البيت. وشخر قرياقوس فعادت إلى حديثها الأول، وما انفكت حتى أتت على آخر حبة من المسبحة. وتحلحلت لتذهب فإذا بقرياقوس يقعد في فراشه، فسألته عن صحته العزيزة سؤال مغرم ولهان، ثم غادرته منقضا على العشاء انقضاض النسور القشاعم.
31
وجاء الليل فجاء الويل؛ لم تنم أم يوسف، تسمعت فسمعت أصواتا غريبة، وغناء نابيا
32
لم تسمع مثله قط، رأت أشباحا مذنبة وغير مذنبة، ذات قرون وجماء،
33
وعيونا تقدح شررا. تخيلت معزى تتناطح في البيت، وشاهدت كل ما صور حول مار أنطونيوس من ضروب الحيوانات، ثم رأت أحد هذه الأشباح بصورة رجل قاعد حد رأسها، فصلبت يدها على وجهها مرات، واستنجدت بالقديس أنطونيوس فاختفى، قامت إلى القنديل فرفعت فتيلته، فإذا بها لا تجد شيئا. صلبت يدها على وجهها، وألقت رأسها على المخدة قائلة: يا مار مخايل سلمتك روحي، فنامت ولم تستيقظ حتى دخلت الشمس البيت من شقوق خشب الشباك الشرقي الخاوي .
طال انتظار قرياقوس للفطور، وقد تعجب من استغراق زوجته في النوم، والعهد بها تنهض قبله، فصبحها بانكسار الضعيف بعد أن كانت تنقض أوامره كالصواعق، وبالكد ردت الصباح. عاتبها على إبطائها، فأجابته بلهجة لا تخلو من تمرد وعنف: شياطينك حرمتني النوم. - شياطيني أنا! مرين، أنا عندي شياطين؟ - وحياة جراحات المسيح ما غمضت عيني، نمت ربع نوم.
فاستغرب قرياقوس حديثها كل الاستغراب، ولا سيما حين روت له أحاديث الناس، وأكدت له أن الأربعين والشياطين لا الصاعقة ضربوه هذه الضربة، وأن «المشحة»
ناپیژندل شوی مخ