43

فن معاصر: مقدمه قصیره جدا

الفن المعاصر: مقدمة قصيرة جدا

ژانرونه

الذي صممه بريت ستالبوم - وانشغلت بالاختلال المباشر للنزعة الاستهلاكية. أثبتت حملة ضد مؤسسة الإنترنت العملاقة - إيتويز التي استخدمت إجراء قانونيا لإغلاق موقع الجماعة الفنية إيتوي - فعاليتها للغاية لدرجة أن الحملة (جنبا إلى جنب مع الركود) فرضت على الشركة الحراسة القضائية. لعل أكثر الأعمال تطرفا وإنتاجية في غضون السنوات القليلة الماضية لم يكن تلك الأعمال التي ركزت على نطاق قوة النزعة الاستهلاكية وفي إطارها، بل تلك التي استكشفت حدودها، وما يكمن وراءها.

إن الفن على الإنترنت يثير - بدرجة أكثر فاعلية من معالجته العتيقة بالمعارض - قضايا الحوار والديمقراطية بوضوح. إن الديمقراطية هنا منفصلة عن السوق، والحوار سريع، والاقتراض متكرر، والانفتاح جزء من الأخلاقيات العامة، وثمة خط ضبابي بين صناع العمل ومشاهديه. هناك تباشير بالتضحية بالفنان المستقل والمشاهد المنعزلة لصالح المشاركة الجماعية إضافة إلى الصفات الأكثر حتمية ومراوغة بالفن، وردود الأفعال الهادفة والفعالة.

إن مثل هذه الأعمال المفيدة ليست مقيدة بعالم الإنترنت، رغم أنها تزدهر في ذلك العالم نظرا لأن الشركات الراعية والمتاحف المشرفة لا تحدد ما يشاهد. أنتج آلان سيكولا كما ضخما من الأعمال الفنية، تتناسج فيها الصور الفوتوغرافية مع النصوص، وتعالج موضوعات هامة في مشروعات طموحة طويلة الأمد: التجارة البحرية، على سبيل المثال، في كتابه الذي يتسم بالدقة والانعكاس الذاتي «قصة سمكة». ومؤخرا، قدم إسهاما صغيرا ببضع عشرات من الصور التي ظهرت في معارض كعرض شرائح (عرضت على نحو معبر عند النصب التذكاري الفاشي لكريستوفر كولومبوس في لشبونة)، وأعقب أيضا النصوص في كتاب بعنوان «خمسة أيام هزت العالم»، و«الخمسة أيام» هي التظاهرات المناهضة لمنظمة التجارة العالمية التي جرت في سياتل قرب نهاية عام 1999. كانت النصوص التي أحاطت هذه الصور - لألكسندر كوكبرن وجيفري سانت كلير - تصف الأهداف والأساليب والفصائل الموجودة بين المتظاهرين، والرد الوحشي (وبالطبع، القاتل على الأرجح) من الشرطة. لا يدعم سيكولا نفسه - على غير العادة - الصور بنصوص كثيرة، زاعما أنه في وجه مثل هذه الغرابة «فإن فراسة وصفية بسيطة مكفولة» علاوة على ذلك:

أتمنى أن أصف مواقف المتظاهرين العزل، وأحيانا يتعرون عمدا في صقيع الشتاء، وهم في انتظار قنابل الغاز والطلقات المطاطية والقنابل الارتجاجية. كانت هناك لحظات من الفعاليات بالمجتمع، ولحظات أخرى من الاضطراب بالحضر، وغيرها من لحظات الاحتفال.

شكل 6-4: آلان سيكولا، «في انتظار قنابل الغاز».

4

إذن في غضون الانتظار، طبعت لحظات جامدة في إطار فوتوغرافي، لكنها تضم قدرا هائلا من الوقت مضمنا داخلها، وقت يتطلع للمستقبل لكن من المؤكد للغاية في توقع ورهبة، ويتأمل الماضي أيضا؛ لأنه كان هناك سمة عتيقة حيال كل من التظاهرات وتلك الصور، شعور بأن التاريخ يعيد تأكيد نفسه. ماذا أعاد تنشيط الوقت في مثل هذه الصور؟ ليست الأحداث بسياتل وحدها بل الطريقة التي بدت بها تضمنها داخل نظام أوسع للتغيير؛ فالجماعات سريعة الغضب التي ركزت على قضية واحدة في السابق تندمج داخل انتقاد واسع للنحو الذي تسير عليه الأمور. إن المشروع الإيجابي للحركات الحديثة هو مثار جدال، لكن خطوطه العريضة بينة: حماية البيئة، وزيادة المساواة، وجعل الديمقراطية تعني ما هو أكثر من انتخابات دورية للحكام والأحزاب في بلوتوقراطيات (حكومات أثرياء) ثابتة.

مجددا، يحمل هذا العمل قيمة دعائية واضحة، ولا يسعى إلى أن يكون لغزا في ذاته أو إلى تملق المشاهدين عن طريق التأكيد لهم على العمق الهائل لتفكيرهم. لا شك أنه من الممكن أن يصب تقديم المعارض لهذا العمل في صالح تكريم مضيفيه. مع ذلك إن الدور الأكبر الواضح والمحدد للعمل يتعارض مع تلك الوظيفة؛ لأنها لا تتواءم مع المثاليات الضبابية المعتادة التي تدعم مكانة الفن والمعرض.

إن سؤال جدوى الفن يأخذنا، بطبيعة الحال، مرة أخرى إلى حرية الفن. إن اهتمامات الفن بعينها - الإبداع والتنوير والإلحاح والنقد الذاتي - مبنية على أسس ذرائعية بقدر الأشياء التي تساعد في إخفائها - التعاملات التجارية وتصنيف الحكومة للأعمال الفنية والحرب - وهذا هو الاعتبار الذي لا بد من إخفائه. ويمكن فعل هذا؛ نظرا لأن التحرر المحلي المتوفر في إنتاج الأعمال الفنية، وفي الاستمتاع بها، أصيل. يستشهد بورديو بخطاب لفلوبير حول حرية الفن:

لهذا السبب أحب الفن؛ فهناك - على الأقل - كل شيء يتسم بالحرية في هذا العالم القصصي، وهناك يشعر المرء بالرضا، ويفعل كل شيء؛ فيكون ملكا ورعاياه، نشطا وسلبيا، ضحية وقسا. لا توجد حدود، الإنسانية بالنسبة إليك دمية بها أجراس تقرعها في نهاية الجملة كشعور الإثارة الذي يسببه المهرج.

ناپیژندل شوی مخ