42

فن معاصر: مقدمه قصیره جدا

الفن المعاصر: مقدمة قصيرة جدا

ژانرونه

كما يذهب إلى أن هناك تناقضا بين الفردانية الاحترافية لهذا الحدث (يحاول المشرفون، شأنهم شأن الفنانين، شغل مساحة فريدة) وانشغالات الحدث الجذرية (التي يبدو أنها تميل نحو المذهب الجماعي).

إلا أن السوء الذي انطوى عليه عرض هذه المشكلات في الفن لا يكمن في أن هذه الموضوعات هي ردود أفعال انعكاسية للتيار اليساري، ولا في إخفاق في توجيه اللوم إلى أناس تعرض أمامهم مثل هذه الأعمال، بل يكمن في الاحتمال الطفيف للغاية أن العالم الفني وحده يمكنه فعل أي شيء للمساعدة. إذا كانت الأعمال الفنية تعرض دون أي احتمال أن يكون لها صدى، فسيصبح عرضها مجرد أداء ومشاهدتها شكلا من أشكال التسلية. سيقال إن العالم الفني ليس منفصلا بحواجز فاصلة عن باقي المجتمع، بحيث يكون لهذه المعارض تأثير أوسع، وهذا يمكن أن يكون صحيحا بصورة متزايدة إذا استمر تدمير استقلالية الفن، بيد أن تهميش الفن الحالي، عند مقارنته بباقي الجوانب الثقافية، يعني أن تلك الآثار من المحتمل أن تكون ثانوية. إن وجهة نظر والتر بنجامين القديمة لا تزال قائمة هنا: إن الفن الراديكالي يحتاج إلى فعل شيء أكثر من جعل السياسة موضوعه، لا بد أن يغير من الطريقة التي يصنع ويوزع ويشاهد بها.

كان الخروج من الميدان التقليدي لعروض المعارض والمتاحف أحد ردود الأفعال. منذ منتصف التسعينيات، مع ظهور متصفح الويب، هدد نزع الصفة المادية من الأعمال الفنية - لا سيما في توزيعها اليسير عبر شبكات رقمية - النظام المصون للفنون. ماذا ستصنع السوق بعمل قابل للنسخ بدقة مثالية ، ويمكن وضعه على آلاف من الخوادم وملايين من أجهزة الكمبيوتر في آن واحد، ويمكن للمستخدمين تفكيكه وتعديله؟ كيف يتسنى للمرء شراء أو بيع أو امتلاك مثل هذا الجزء من البيانات؟ وهذا هو الموقف - ذا الأهمية المحورية في نظرية ماركس - الذي يتعارض فيه تحديث وسائل الإنتاج مع علاقات الإنتاج. وفي الفن الرقمي، يتعارض استخدام وسائل التكنولوجيا الجديدة لإعداد العمل الفني وتوزيعه مع الممارسة القائمة على الحرفة ومع الرعاية وكذلك مع النخبوية التي يتسم بها العالم الفني.

أسهم فنانون في عالم الإنترنت، جنبا إلى جنب مع الشركات التجارية التي بذلت جهودا منسقة لتغيير الإنترنت من كونه منتدى إلى مركز تسوق تجاري. لقد كان هذا الاستعمار التجاري موضوعا ثريا لفناني الإنترنت الذين أنتجوا أعمالا فنية ذكية ومعقدة تهدف إلى جذب المتسوق وإدهاشه. من بين أكثر الأعمال شهرة ذلك العمل الذي نشرته مؤسسة الأعمال الفنية إيتوي؛ فعملها «اختطاف رقمي» حول المتصفحين الذين كتبوا في محرك البحث كلمات مثل «مادونا»، و«بورش»، و«بنتهاوس»، ونقروا فوق الموقع الأعلى تصنيفا لإيتوي، ثم حياهم بهذا الرد: «لا تحرك ساكنا، إن هذه عملية اختطاف رقمي.» تلاها تحميل لملف صوتي عن محنة مخترق حاسوب مسجون وهو كيفن ميتنيك، واختطاف الإنترنت من قبل شركة نتسكيب. وآخرون - من بينهم ريتشل بيكر، بفحصها الدقيق للدراسات الاستقصائية الخاصة بالعملاء، والتنقيب في البيانات، وبطاقات خصومات العملاء - دخلوا في نزاع مع الشركات التجارية التي استخدمت قوانين حقوق النشر لكبت حرية التعبير عن الرأي. صممت بيكر موقعا يعد مستخدمي الويب الذين سجلوا للحصول على بطاقة خصومات العملاء من شركة «تيسكو» بتقديم نقاط لهم أثناء تصفحهم الشبكة، شريطة أن يستكملوا استمارة تسجيل تطرح أسئلة على غرار: «هل تقدم غالبا بياناتك الشخصية للمسوقين؟» و«ما مدى أهمية بياناتك الشخصية لعملاء التسويق؟» وسرعان ما تلقت خطابا من شركة تيسكو تهددها فيه بإرسال أمر زجري قضائي ومطالبة بتعويض عن أضرار.

شكل 6-3: إيتوي، «مؤسسة، موقع توي وور».

3

هذا النمط الفني دليل على تطور هائل أوسع نطاقا؛ فمن نوع فتاك مستعاد للرأسمالية - في وقت انتصارها الظاهري - خرجت حركة معارضة متماسكة، مكونة من السياسة المتشظية القائمة على الاهتمام بقضية واحدة. يزعم مايكل هارت وأنطونيو نيجري أن هذا ليس بمصادفة، أن تنبثق القيم التعاونية من تحول الاقتصاديات الأساسية بعينه إلى معالجة البيانات، والتي يمكن أن يمثل فيها التعاون بين الشركات والمستخدمين والمنتجين قوى تنظيمية أكثر أهمية من رأسمال الاستثمار. وتأتي النتيجة في «احتمال ظهور نوع من الشيوعية تلقائي وأولي». إن حركة البرمجيات الحرة - التي قامت على هذا التعاون العالمي التطوعي تحديدا المحمي بصيغة غير أصلية من قوانين حقوق النشر - هي تحد لهيمنة شركة مايكروسوفت وتضرب مثالا بارزا على هذا العمل الجماعي في أرض الواقع.

إن المنهج الرابع في استغلال التوترات داخل نطاق الفن المعاصر هو تحدي وهم انعدام جدوى الفن من خلال إنتاج أعمال لها نفع صريح. إن التأليف بين التقنيات الإنتاجية وغير الإنتاجية في المضمار الرقمي أيقظ شيئين كان الظن أنهما دفنا منذ زمن بعيد حتما: الفن الطليعي، والاستخدام السياسي للفن. من وجهة نظر بنجامين بوكلو، فإن النموذج الفني الرئيسي الذي يحمل قيمة انتفاع هو البنيوية السوفييتية التي تشكلت بعد الثورة لأغراض محددة واضحة المعالم. في عالم الإنترنت على وجه الخصوص، حيث تكون الحدود بين الإنتاج والنسخ واهنة، كان الفنانون يكتشفون من جديد قيمة الانتفاع. حارب بول جارين التسمية الحصرية والمحكومة بصورة مركزية للمواقع على الويب، وهو - كما يزعم - ما يتناقض مع الآفاق الديمقراطية للشبكة. صمم حلا تقنيا عمليا بشأن نطاقات المواقع،

Name.Space ، وأصر على استخدامه العملي ونفعه السياسي في تحد للذين يظنون أن العمل الفني لا بد وأن يكون غير وظيفي. تحالفت أعمال نشطاء آخرين مع الحركات السياسية الجديدة - على غرار برنامج

FloodNet

ناپیژندل شوی مخ