تأليف
إسماعيل مظهر
الإهداء
لذكرى يعقوب صروف
إحياء لماض مفعم بأسمى الذكريات
المقدمة
قرأت أن كتابا بغير مقدمة كرسالة بغير عنوان، ولا تزال هذه العبارة عالقة بذهني، وقد دارت الأرض من حول الشمس منذ قرأتها عشرين دورة على الأقل.
أمن سر في هذه العبارة، جعلها تعلق بذهني ويثبت أثرها فيه؟
أذكر أن الكتاب الذي قرأت فيه هذه الجملة كان في التاريخ، ويخيل إلي أنه كان في تاريخ نابليون في منفاه، ولقد استيقظت في ذهني هذه الذكريات، لما أن تناولت القلم لأكتب بضعة أسطر تصديرا لهذا الكتاب، بعد أن شغلت بتأليفه أربع سنوات كاملة، ونبذته ناحية من حجرة درسي ثلاثا أخر، فلما أن مدت ظروف الدنيا يدها إليه؛ لتحبوه الحياة بعد طول النبذ، وتناولت القلم لأخط بضعة أسطر تعريفا به؛ غمرتني فكرة في خلود الإنسان، وخلود آثاره، هي في الواقع فكرة اشتركت في وعيي بنابليون، وما يضفي عليه بعض المؤرخين من صفات الخلود.
يقولون: إن نابليون رجل خالد! ولكن بالقياس على أناس غير خالدين، ممن تعد من خلائق الله. ويقولون: إن مصر خالدة! ولكن بالقياس على أمم أصبحت أحاديث وأخبارا في بطون الكتب، أو أساطير تروى عن القرون الأولى. ويقولون: إن مذهب سقراط الفلسفي مذهب خالد! ولكن بالقياس على مذاهب بادت من عالم الفكر، غير مخلفة أثرا؛ فظهرت واختفت كأنها نبت الصحراء يخرجه الغيث ويطويه الجفاف.
ناپیژندل شوی مخ