203

کارل بوبر فلسفه: علم طریقه ... علم منطق

فلسفة كارل بوبر: منهج العلم … منطق العلم

ژانرونه

وقد أدت محاولات الحلول هذه إلى طرح أفكار لحل نفس المشكلة - تمييز المعرفة العلمية - فلم يعد أمامنا معيار التحقق فحسب، بل ومعيار القابلية للاختبار والتأييد، ولغة العلم ومحاولة فتجنشتين المتأخرة، كلها تحاول تحقيق هدف التحقق متفادية أخطاءه. (3) من ناحية أخرى فقد سبقت هذه المعايير - خصوصا معيار التحقيق - معيار القابلية للتكذيب البوبري، فقد عرف طريقه إلى الأسماع والأبصار، وشغل الأوساط الفلسفية قبل أن تعرف هذه الأوساط بوبر أو معياره؛ لذلك كان عبثا كبيرا على بوبر أن يلقى مكانا لمعياره، لا سيما أن الوضعية كانت موضة شائعة في عصرها، ومن يخرج عليها - كبوبر - يعد رجعيا متخلفا.

بالإضافة إلى ما يبدو للوهلة الأولى من تشابه بين التحقيق والتكذيب، مما ساعد على شيوع الخطأ الكبير باعتبار بوبر وضعيا، واعتبار القابلية للتكذيب مجرد امتداد للقابلية للتحقيق أو تعديلا له.

ولقد ذاع هذا الخطأ، لدرجة أن دائرة المعارف الفلسفية - وهي المرجع العلمي الرفيع الذي لا يتطرق إليه شك أو نقد - تعتبر التكذيب مجرد امتداد للتحقق، فتتناوله تحت مادة مبدأ التحقق، وتعالجها في إطار واحد، ومن منظور واحد، والحقيقة الحقة أنهما جد مختلفان شكلا وموضوعا، وقد وجه بوبر نقده الحاسم لمعيار التحقق ولسائر معايير الوضعية جملة وتفصيلا، واختلفت محاولته لتمييز العلم اختلافا شكليا وموضوعيا وفلسفيا عن معيار التحقق وعن سائر معايير الوضعية.

لكن ما هو معيار التحقق هذا أولا؟ (4) معيار التحقق هو قاعدة تجسد مبادئهم السابقة، من أن كل حقيقة تركيبية تستمد من الملاحظة، وأن كل ما يسهم به العقل في المعرفة ذو طبيعة تحليلية، فكان مضمونه هو أن الجملة التي ليست بتحليلية لكي تكون ذات معنى، لا بد أن تعبر عن واقع حسي تجريبي، وأن الجملة التي لا يمكن تحديد صدقها من ملاحظات حسية ممكنة هي جملة لا معنى لها،

10

حيث إن المعنى هو العلم، واللاعلم هو اللامعنى، فكان أن صاغ ألفرد آير المعيار كالآتي: «يكون للجملة معنى حرفي فقط، إذا كانت تعبر عن قضية تحليلية أو قضية ممكنة التحقق تجريبيا.»

11

لقد استبعدوا القضايا التحليلية: الرياضة والمنطق، المعيار يطبق فقط على القضايا التركيبية، ليحدد منها العلم الطبيعي، ويستبعد الميتافيزيقا، ودع عنك الأوامر والنواهي وسائر التعبيرات الدالة على قيم معيارية من قبيل: «ما أجمل الزهور» «القتل جريمة بشعة» ومثال هذه التعبيرات في عرفهم محض إنشائية، ونظرا لأن فلسفة الوضعية ذات خاصة معرفية فهي لا تعنيهم البتة، بل تعني نقاد الفن والأدب، المهم ألا يزعم أصحابها أنهم يزيدوننا معرفة بالواقع.

ولما كان التحقق معيارا للمعنى فهو يشمل أيضا التحقق من المفاهيم والكلمات، وطبعا العبارة لن تقبل التحقق إلا إذا كانت كل المفاهيم الواردة فيها قابلة للتحقق.

غير أن المعيار أثار الكثير من النقاش، فهو ذاته لا قضية تحليلية ولا قضية تركيبية تقبل التحقق، فكان أن عرض الوضعيون قبوله على أساس براجماتي، ثم إن القضية قد لا تقبل التحقق لأسباب منطقية، أو لأسباب فنية قاصرة على الوقت الراهن، أو لأسباب فيزيائية ... إلخ، فأي من هذه الوجوه يحمل معه الخلو من المعنى، لحل هذا ميزوا بين التحقق المباشر للقضايا التي تدور حول المدركات الحالية، والتحقق غير المباشر لبقية القضايا ذات المعنى، وقريب من هذا ما فعله آير حين ميز بين: التحقق بالمعنى القوي، والتحقق بالمعنى الضعيف.

ناپیژندل شوی مخ