190

کارل بوبر فلسفه: علم طریقه ... علم منطق

فلسفة كارل بوبر: منهج العلم … منطق العلم

ژانرونه

تكفي هذه الأمثلة، فلن ننتهي من عملية المسح التأريخي للمفكرين الذين أحسوا بخرافية الاستقراء، أو على الأقل قصوره، من الناحية الأخرى، نجد رأي بوبر ليس في حاجة إلى تعضيد، كل ما في الأمر أن بوبر ليس أول من نوه إلى خرافية الاستقراء، لكن هو أول من أيقنوا هذا، فخصصوا لإثباته مساحة كبيرة من أبحاثهم، هو أول من قاله بحسم قاطع ووضوح ناصع؛ لأنه أول من استطاع التحرر بالمعنى المطلق التام من هذا الوثن الكاذب، ونرجو أن يكون الأخير، كي يغلق تماما ملف خرافة الاستقراء كاسم وكمسمى. (4) تعقيب على نظرية بوبر المنهجية (1) رأينا ول ديورانت يرفض الاستقراء، ويقول بمنهج مشابه لمنهج بوبر، وقد أعطى مثالا مصداقا لما يقوله بوبر، وهو دارون؛ فقد استنبط من نظرية مالتوس عن السكان، تطبيقها على جميع الأجسام الحية، مما سيؤدي إلى صراع على وسائل الطعام والغذاء من أجل التعايش، يكون البقاء فيه للأصلح، وبعد ذلك اتجه إلى الطبيعة وأجرى بحوثه التي استمرت عشرين عاما، ويعطي ديورانت مثالا آخر: آينشتين، فقد أخذ عن نيوتن الافتراض بأن الضوء يسير في خطوط منحنية وليست مستقيمة، واستدل بذلك على النتيجة أن النجم الذي يبدو على أساس نظرية الخطوط المستقيمة بأنه في مكان بعيد في السماء، يكون في الحقيقة بعيدا قليلا إلى جانب ذلك المكان، ثم أجرى التجربة والملاحظة ليفحص النتيجة.

54

ثم يوضح ديورانت أن بيكون نفسه قد توقع الاستغناء عن طريقته، وأن مزاولة العلم بطريقة «علمية» ستؤدي إلى اكتشاف وسائل أفضل في البحث من طريقته التي توصل إليها خلال فترات راحته وابتعاده قليلا عن مشاغل السياسة.

55

ولنأخذ مثالا أوقع من ديورانت، مثالا من المعسكر المخالف تماما لبوبر، أي الوضعية المنطقية؛ فقد أكد الوضعي المنطقي كارل همبل أن الفرض يسبق الرجوع إلى الوقائع، وأن هناك إجابة تجريبية عن المشكلة يضمرها الباحث في صورة تخمين أو فرض، وهي التي تحدد أنواع المعطيات التجريبية التي ينبغي جمعها، وهذه المعطيات قد تؤيد الإجابة التمهيدية - أي الفرض - وقد تفنده،

56

بل وقد بلغت بوبرية همبل إلى أن انتهى قائلا: ليست هناك إذن قواعد استقرائية عامة يمكن تطبيقها، تلك القواعد التي يمكن بواسطتها أن نستنتج الفروض والنظريات من المعطيات التجريبية يحتاج الانتقال من المعطى إلى النظرية إلى خيال مبدع؛ فالفروض والنظريات العلمية لا تستنتج من المعطيات الملاحظة، ولكن تخترع الفروض لتفسيرها.

57

ليس هذا فحسب، بل وينصح همبل العالم الشاب بنفس ما نصحه به بوبر، أي بضرورة الإلمام بموقف المشكلة ومعرفة كل ما قيل، أو تصادم سبق؛ مخافة أن يضيع جهدا في نظرية وضعت من قبل، أو تصادم نظريات مأخوذا بها في الموقف العلمي، وبعد أن يعيب همبل ما في الاستقراء من آلية، لا يبدو معها أي مبرر لأن تبقى مشكلة علمية واحدة بغير حل، ما دام استقراء وقائعها ممكنا، ويؤكد على أهمية عنصر الخيال، يطرح احتمال أن يؤثر عنصر الخيال على موضوعية العلم، ويوضح أن الاختبار النقدي هو الذي يضمن الموضوعية،

58

ناپیژندل شوی مخ