فلسفه علم په لسمه پېړۍ کې: اصول – حاصلات – راتلونکي لیدلوري
فلسفة العلم في القرن العشرين: الأصول – الحصاد – الآفاق المستقبلية
ژانرونه
الأداتية والوضعية المنطقية كانتا التيارين الأساسيين المشكلين لفلسفة العلم في أواسط القرن العشرين، مثلا تطورا ملحوظا حين جعلا التجريبية منطقية. فعلت الوضعية هذا حين صبت الأساس الاستقرائي لتبرير العلم في القرن التاسع عشر في قالب منطقي هو معيار التحقق أو لغة العلم، هذا القالب قادر على تمييز المعرفة العلمية وتبريرها. أما الأداتية ففعلت هذا عن طريق معايير منطقية كالاتساق والبساطة قادرة على تمييز المعرفة العلمية وتبريرها. في كلتا الحالتين فلسفة العلم هي منطق تبرير المعرفة العلمية، تبرير يسوغ الوضع القائم وقد يمهد لتطوراته المقبلة.
ربما كانت الأداتية أكثر معقولية وتفتحا وإيجابية. لكنها كما رأينا اتجاه شاع بين فلاسفة وفرق شتى واتخذ صورا متعددة، لم تكن مذهبا محددا بمنهاج متعين ومشروع مرسوم أو فريق عمل متكاملا كشأن الوضعية المنطقية التي تصدرت الواجهة. استطاعت الوضعية أن «تستوعب الأداتية بنقاط الالتقاء المشترك فضلا عن أنها استخدمت الأداتية صراحة لمواجهة عدم قابلية النظريات العمومية للتحقق، فميزت الوضعية المنطقية بين العبارات التي تشير إلى وقائع ملاحظة وبين النظريات، الأولى تفترض عالما واقعيا، والثانية مجرد أدوات وحيل منطقية للربط بين الظواهر ولا تلتزم بتعيين الواقع التجريبي. وبجانب هذا تتقدم الوضعية المنطقية بوصفها مواصلة للمسيرة الرسمية لفلسفة العلم التي بدأت في القرن التاسع عشر بالنزعة الاستقرائية. ومع تعنت الوضعيين المنطقيين وحدة مواقفهم وصلابتهم وتماسكهم وتدفق أعمالهم نجدهم في الربع الثاني من القرن العشرين وقد استبدوا تماما بفلسفة العلم وكادوا أن ينفردوا بالميدان حتى استقر في التصورات العامة أن فلسفة العلم هي الوضعية المنطقية، هي تبرير المعرفة العلمية.
وكان كارل بوبر أعظم فلاسفة العلم في القرن العشرين وأهمهم وأخطرهم تأثيرا؛ لأنه كان قادرا على مواجهة كل هذا، وإحداث التطور الجوهري في فلسفة العلم الذي يفتح أمامها آفاقا مستقبلية بلا حدود، ما دام ينتقل بها نقلة جذرية من منطق تبرير المعرفة العلمية إلى منطق الكشف العلمي والتقدم المطرد.
فكيف كانت فلسفته للعلم التي أدت إلى كل هذا؟
الفصل السادس
من منطق التبرير إلى منطق التقدم
أولا: كارل بوبر ... نقطة تحول
رأينا كيف سارت فلسفة العلم بشكل عام في إطار منطق تبرير المعرفة العلمية بمعنى تحديد مبررات تميزها ووثوقها ومصداقيتها ونجاحها في أداء المهام المنوطة بالعلم، سواء استند هذا التبرير على معطيات التحقق التجريبي الاستقرائية أو على معايير البساطة والمواءمة الأداتية، وإن مالت كفة الطرح الأول الوضعي، في كلتا الحالتين ثمة تبرير للنسق العلمي كمنجز راهن وراسخ ويمكن أن يستوعب تطورات أبعد. من هنا تمثل فلسفة كارل ريموند بوبر
K. R. Popper (1902-1994م) نقطة تحول حاسمة، ما دامت فلسفة العلم قد انتقلت معها من منطق التبرير إلى منطق الكشف العلمي والمعالجة المنهجية له على أساس من قابليته المستمرة للاختبار التجريبي والتكذيب؛ لتعيين الخطأ كي يحل محله - يوما - كشف أفضل وأكفأ وأقرب إلى الصدق. وسوف نرى أن الكشف علمي بقدر ما يكون قابلا للتكذيب، بقدر ما يفتح طريقا إلى تقدم أبعد. فليس منطق الكشف العلمي منطق لبنة جديدة تضاف إلى صرح العلم، بقدر ما هو منطق فتح طريق جديد للتقدم العلمي، إنه فلسفة التقدم المستمر. وكان لهذا تأثيره الكبير على التطورات اللاحقة للوضعية المنطقية والأداتية ذاتهما.
تستند فلسفة بوبر بأسرها على أن الخاصة المنطقية المميزة للعلم التجريبي هي إمكانية تكذيب عباراته، هي قابليته المستمرة للمواجهة مع الواقع والوقائع، للنقد والمراجعة واكتشاف الأخطاء وبالتالي التصويب والاقتراب الأكثر من الصدق، التقدم المستمر. بهذا علمنا كارل بوبر كيف تكون فلسفة العلم هي منطق قابليته المستمرة للتقدم، بحيث تكون قواعد البحث العلمي قواعد مباراة هي من حيث المبدأ بلا نهاية، أما العالم الذي يقرر يوما ما أن العبارات العلمية أصبحت لا تستدعي أية اختبارات أخرى ويمكن أن نعتبرها متحققة بصورة نهائية، فإنه ينسحب من المباراة؛ لذا فنحن لسنا في حاجة إلى منطق للتبرير والتحقق أو المواءمة، بقدر ما نحن في حاجة إلى منطق للكشف والتقدم المستمر.
ناپیژندل شوی مخ