فلسفه علم په لسمه پېړۍ کې: اصول – حاصلات – راتلونکي لیدلوري
فلسفة العلم في القرن العشرين: الأصول – الحصاد – الآفاق المستقبلية
ژانرونه
S. Toulmin (1922م-؟) من أهم الفلاسفة المحترفين الذين أفادوا الأداتية وطوروها وجعلوها تدفع فلسفة العلم إلى آفاق مستشرفة، بأعماله الكثيرة وأهمها: «فلسفة العلم 1958م»، «البصيرة والفهم 1961م»، «الفهم الإنساني 1972م»، وهو يشبه القانون العلمي بالخريطة الجغرافية التي توجه السائر وترشده في التعامل مع الواقع دون الزعم بأن الخريطة صورة طبق الأصل من الواقع. ويتميز تولمان بقدرته على تجسيد وعي الأداتية الفريد بتاريخ العلم والذي ناهضته الوضعية المنطقية؛ لذلك سوف يحتل موقعه بين فلاسفة الردح الأخير من القرن العشرين الواعدين بآفاق مستقبلية لفلسفة العلم، وسوف نعود إليه مجددا.
إن الأداتية بلا جدال تيار قوي ومتميز يملك حيثياته، ويمثل إضافة حقيقية لفلسفة العلم ونجح في حل مشاكل منهجية فنية معقدة. وأجمل ما في الأداتية أنها تبرز دور العقل الإنساني المبدع في مواجهة الواقع وفي خلق قصة العلم، فتومئ لأهمية تاريخ العلم، وكانت قوة جذب لفلاسفة وفرق شتى. تستطيع الأداتية أن تفسر بطريقتها زوال النظريات العلمية بعد أن كانت عمدا، ولماذا تعمل نظرية نيوتن في الماكروكوزم ومستوى الخبرة العادية حيث نعتمد عليها، ونحن نعلم أن هناك نظرية أفضل هي النسبية، وأيضا كيف تدب الحياة ثانية في نظرية ماتت ودفنت كما حدث لفرض الذرة. إنهم يرون الواقع ثابتا والعلم متغيرا. وإذا اعتبرنا النظريات العلمية ليست تمثيلا للواقع بل مجرد أدوات نصطلح عليها لتسفر عن إجراءات معملية، فنعدل هذه الأدوات ونطورها، استقامت النظرة إلى طبيعة المعرفة العلمية في مواجهة الواقع، وأصبح من السهولة أن يتدفق التقدم والتغير في العلم واستبدال نظرية بأخرى. لم يعد الحكم قاطعا بأن هذه النظرية صادقة وتلك كاذبة، بل فقط ثمة نظرية أفضل وأكثر تقدما؛ ليس لأنها الأصدق، بل لأنها الأبسط والأنفع والأكثر مواءمة. وعلى مشارف القرن الحادي والعشرين، حين احتلت برامج الحاسب الآلي موقعها على صدر المسيرة المعرفية استبينت أكثر فعالية وجدوى التفسير الأداتي والإجرائي للأنساق العلمية.
ولكن مهما كانت إيجابيات الأداتية، ومهما أمكن الاستفادة منها في هذه الزاوية أو تلك، يصعب كثيرا موافقتهم على نزع الدلالة الأنطولوجية عن العلم بأسره؛ لينصرف العلم والفلسفة جميعا عن المشكلة الأنطولوجية ولا يبقى إلا أدوات مفيدة أجل لكن خاوية من المضمون. كيف تغض الفلسفة النظر عن الانسجام الآسر والمتنامي بين العلم وبين الواقع الفيزيقي الذي يوجهه ويدفعه نحو مزيد من التقدم؟! خصوصا وأن الفيزياء كانت محور فلسفة العلم طوال القرن العشرين، ويظل العلم دائما ذا دلالة إخبارية هي أصدق وأفضل ما نملك، ولا نستطيع أن نلقيها وراء ظهورنا مع الأداتيين. فقال ماكس بلانك: «إن نشاط الأداتيين ضروري ونافع، ولكنه ينطوي على خطر لا يستهان به، وهو أن الصورة الفيزيائية للعالم يختفي معناها فتظهر صورة فارغة من المحتوى.»
54
وفند رسل الإجرائية ببساطة حين أشار إلى أن العلماء كثيرا ما يتحدثون عن إجراءات معملية أفضل من إجراءات أخرى للوصول إلى نتيجة معينة. معنى هذا أن هناك معيارا يعلو على الإجراءات المعملية ويفاضل بينها، فكيف تحدد الإجراءات كل شيء؟!
ثم تقدم كارل بوبر بالنقد الحاسم فعلا. فإذا كان إرنست ناجل يأخذ على هنري بوانكاريه أنه لم يميز بين الهندسة البحتة والهندسة التطبيقية، فإن بوبر يوضح خطورة إصرار الأداتية على أن تغفل أصلا الفوارق الجوهرية العميقة بين العلوم البحتة والأساسية وبين التطبقيات التكنولوجية، فتنظر الأداتية إلى ميكانيكا نيوتن مثلا تماما كما تنظر إلى القواعد الحسابية
Computation rules
لوضع جداول الملاحة أو ضبط عمل آلة التصوير الفوتوغرافي أو سواهما من تمثلات العلوم التطبيقية والهندسية،
55
في حين أن الفوارق ضخمة بين الجانبين سواء في البنية أو في الدور الإبستمولوجي أو في الاعتبارات المنهجية ... إلخ. والنظرة الأداتية التي توحد بين الجانبين وتغفل هذه الفوارق الجوهرية تنطوي على تشويه جسيم لتصور العلم وفلسفته. هذا فضلا عن أن بوبر يصر إصرارا على أن الرؤية الواقعية للعالم وفكرة الاقتراب التدريجي من الصدق ضروريان ولا يمكن الاستغناء عنهما لتفهم منطق العلم أو فلسفته. لقد أخرج بوبر أكثر من دراسة لمناقشة ونقد الأداتية من زوايا عديدة، على أن نقده للوضعية المنطقية أعنف وأكثر تفصيلا وأعمق تأثيرا على تطور فلسفة العلم.
ناپیژندل شوی مخ