182

فلسفه علم په لسمه پېړۍ کې: اصول – حاصلات – راتلونکي لیدلوري

فلسفة العلم في القرن العشرين: الأصول – الحصاد – الآفاق المستقبلية

ژانرونه

هذه الحدود المموهة بين الرياضيات والعلوم التجريبية تبرز الفارق المحوري بين الأداتية وسواها من مذاهب فلسفة العلم، ويتمثل هذا الفارق في عدم التزام الأداتية بالواقعية، بمعنى الوجود الواقعي المستقل للعالم الخارجي كإطار مرجعي. لقد رأينا فلسفة العلم من حيث هي فلسفة تجريبية تسلم بالواقعية، وترى العلوم التجريبية إخبارية، أي تحاول أن تعطينا مضمونا خبريا ومحتوى معرفيا عن هذا العالم. وهي محاولات ليست نهائية أو مطلقة الصدق، لكنها متطورة وتظل في الوقت المعني أفضل ما لدينا. وهي على أية رؤية حصيفة لبنية العالم وطبيعته ومحاولة بارعة لوصف وتفسير جوانب معينة منه، تلتزم بأفضل صياغة نستطيعها للعالم التجريبي. بالنسبة للأداتية الموقف مختلف، فليس هناك مضمون خبري أو محتوى معرفي، ولا التزام بصياغة الواقع، بل فقط أدوات لإقامة الروابط بين ظواهره والتنبؤ والسيطرة، أدوات مفيدة، لكنها خاوية. إنها مجرد اصطلاحات ومتواضعات اتفقنا عليها؛ لأنها أكثر ملاءمة من البدائل أو النظريات الأخرى. وفي النهاية تنفرد الأداتية بهذا الفصل بين المعرفة والوجود، وتجريد الإبستمولوجيا العلمية من دلالاتها الأنطولوجية، في حين تتفق بقية الأطراف على أن معلم نجاح العلم الحديث هو هذا التمثل الواقعي للإبستمولوجيا وهذه القيمة الأنطولوجية للنظرية العلمية، خصوصا الفيزيائية. ومن الصعوبة بمكان تجريد الفيزياء بالذات من ارتباطها بمشكلة تفهم العالم الذي نحيا فيه. هذا الموقف من أنطولوجية النظرية العلمية واعتبارها بنية إبستمولوجيا خالصة، هو الذي صنع حدودا للاتجاه الأداتي.

ولكن الأداتية مثل كل الأطروحات الفلسفية الكبرى، يمكن تتبع الأصول إلى مراحل تاريخية أسبق، وتصل بنا إلى الخطوة الأولى من نسق العلم الحديث في القرن السادس عشر، حين كتب اللاهوتي أوسياندر - كما ذكرنا - مقدمة لكتاب كوبرنيقوس «دوران الأجرام السماوية» كان يعبر عن هذا الموقف الأداتي؛ إذ يقول إن الفلكي يبدع فروضا يمكن بواسطتها وطبقا لمبادئ الهندسة أن نحسب بدقة حركة الأجرام السماوية، وليس من الضروري أن تكون هذه الفروض صادقة في الواقع، شيء واحد يكفي هو أن تمدنا بحسابات مطابقة للملاحظة. معنى هذا أن نظرية كوبرنيقوس ليست وصفا صادقا أو كاذبا للعالم، بل مجرد «جهاز حسابي يسمح بربط مجموعة من مواقع الكواكب القابلة للملاحظة بمجموعة أخرى مماثلة. والحسابات تكون أيسر وأسهل إذا عوملت منظومة الكواكب وكأن الشمس تشغل مركزها».

50

وأمل أوسياندر أن ينجح هذا التفسير الأداتي في تمرير النظرية أمام رجال الدين، ما دامت مجرد أداة وليست خبرا عن الواقع يناقض أو يطابق ما هو مذكور في الكتب المقدسة. ثم تبناها بيير جاسندي وأعلنها كنظرية للعالم في كتابه

Syntagma

عام 1658م.

51

أما عن الأصول الفلسفية الصريحة، فقد أسهب كارل بوير في إيضاح أن مؤسس الاتجاه الأداتي في فلسفة العلم هو الأسقف جورج باركلي الذي رأيناه في «حوار الفلسفة والعلم الحديث» بالفصل الثالث من أعلام التجريبية الإنجليزية في القرن الثامن عشر، رهن الوجود بالإدراك الحسي له، ورأى أن النظريات العلمية كنظريات كوبرنيقوس وكبلر وجاليليو ونيوتن مجرد أدوات للحساب والتنبؤ بشأن الظواهر وشيكة الحدوث. إنها لا تصف العالم ولا أي جانب من جوانبه، ولا يمكنها أن تفعل هذا؛ لأنها ببساطة خالية من المعنى. المصطلحات الواردة فيها من قبيل القوة والتثاقل والجذب والقصور لا معنى لها من حيث إنها لا تشير إلى وقائع مدركة أو ملاحظات حسية أو ظواهر طبيعية، بل تصف خصائص غير مرئية لعالم غير مرئي، إنها مفاهيم خفية غامضة

occult . وبالتالي فإن نظرية نيوتن لا تعني شيئا، وليست تفسيرا للعالم، بل هي ببساطة وهم

Fiction

ناپیژندل شوی مخ