فلسفه علم په لسمه پېړۍ کې: اصول – حاصلات – راتلونکي لیدلوري
فلسفة العلم في القرن العشرين: الأصول – الحصاد – الآفاق المستقبلية
ژانرونه
4
وكما يقول الدكتور زكي نجيب محمود في كتابه الرائد «المنطق الوضعي، الجزء الأول 1952م» ليست المسألة مجرد استعمال رموز من أحرف الهجاء أو غيرها لتحل محل الحدود والقضايا، وإلا لكانت لعبة صبيانية لا طائل وراءها يستحق اهتماما، بل إن جوهر المنطق الحديث هو تحويل القضية المنطقية إلى قضية شبيهة بمعادلات الجبر فتكتسب عمليات التفكير ما في الرياضة من صرامة ودقة وانضباط.
طبق بول جبره المنطقي على فروع المنطق وموضوعاته، بما في ذلك نظرية القياس الأرسطية، واتضح أنها مجرد حالة لمنطق الفئات. إن المنطق الرياضي يستوعب المنطق التقليدي في سياق أوسع وأرحب، والأهم أنه أدق وأكفأ. لا يعرف المنطق الأرسطي التقليدي إلا القضية الحملية «أ هي ب»، حيث تحمل «ب» على الموضوع «أ»، أما في المنطق الرياضي فثمة القضية اللزومية الشرطية ، والقضية الانفصالية، والقضية العطفية، والقضية المنفية، والقضية التركيبية من هذا وذاك ... وينقسم المنطق الرياضي إلى ثلاثة مباحث رئيسية، وهي: حساب القضايا، وحساب الفئات، وحساب العلاقات. طبعا تعامل المنطق الأرسطي مع القضايا، وأيضا مع الفئات، أما العلاقات فهي الإنجاز المستجد تماما للمنطق الرياضي، والذي لم يعرفه المنطق التقليدي بحال، والواقع أن مبحث العلاقات هو الأسبق تاريخيا؛ إذ طرحه دي مورجان، وهو أيضا أخصب الإضافات وصاحب الأثر الأكبر في تصويب الأطروحات، في الفلسفة وفي الرياضة البحتة على السواء، وفي المعرفة الإنسانية بصفة عامة، لقد اتضح أخيرا أن القضية «أ» على علاقة ب «ب» مثلا «أ يماثل ب»، أو «أ يحب ب» لا تحمل طرفين هما «أ» و«ب» فحسب، بل ثمة طرف ثالث هو العلاقة بينهما، التماثل أو الحب أو أية علاقة أخرى. وإغفال العلاقة كطرف ثالث يكمن وراء كثير من الترديات في عمليات التفكير، والآن نجد المحصلة الواسعة لحساب العلاقات تبرز - أكثر من سواها - الأهمية الكبيرة التي ترتبت على ترييض المنطق. وكما أشار برتراند رسل - في كتابه «مقدمة للفلسفة الرياضية 1919م»، «ليست الرياضيات إلا أنماطا من العلاقات تتم معالجتها بالأسلوب الرمزي».
وفي إثر الإنجاز الرائد لجورج بول توالت جهود المناطقة لتطوير وتنقيح وتبسيط وإكمال المنطق الرياضي، في مقدمتهم تشارلز بيرس، وأيضا وليم ستانلي جيفونز
W. S. Jevons (1835-1882م) وجون فن
J. Venn
وسواهم. إنهم سالكون طريق جورج بول وأستاذه دي مورجان فيعملون على تطبيق الأدوات الرياضية على المنطق التقليدي، أي رد المنطق إلى الرياضيات، حتى خرج من بين أيديهم منطق رمزي يستقي أرومته من الرياضيات.
وكما أوضحنا، انطلقت هذه الجهود بصفة مبدئية من هاجس الفحص النقدي لأصول الرياضيات، التقت معها جهود أخرى سلكت الطريق المخالف لتصل إلى نفس المقصد، وبدلا من رد المنطق إلى الرياضة حاولوا العكس، أي رد الرياضيات إلى المنطق بغية تأمين أصولها. إنه الطريق الذي شقه جوتلوب فريجة
G. Frege (1848-1925م)، وجوزيب بيانو
G. Peano (1858-1932م) وواصله وايتهد وبرتراند رسل حتى أخرجا كتابهما الفذ «برنكبيا ماتيماتيكا»، أي «أصول الرياضيات» الذي يفصح عن الخاصة التحليلية للرياضيات، وعن أن المنطق صبا الرياضيات والرياضيات رجولة المنطق، كما سبق أن أوضحت ثورة العلوم الرياضية في الفصل السابق. وكان كتاب «برنكبيا ماتيماتيكا» علامة فارقة على نضج المنطق الحديث واستوائه على العرش. ويظل برتراند رسل أعظم الباحثين في - أو عن - أصول الرياضيات وأعظم المناطقة في القرن العشرين وفي تاريخ الفكر الإنساني برمته.
ناپیژندل شوی مخ