فلسفه علم په لسمه پېړۍ کې: اصول – حاصلات – راتلونکي لیدلوري
فلسفة العلم في القرن العشرين: الأصول – الحصاد – الآفاق المستقبلية
ژانرونه
65
إن خصائص الكائنات الحية لا تنتهك طبعا القوانين الفيزيوكيمائية، لكنها غير قابلة للاستنتاج منها أو الرد إليها كما رأى الكلاسيكيون. ثمة عنصر لا حتمي كايوسي في بنى الكائنات الحية. لقد انهارت الحتمية الميكانيكية في المادة الجامدة التي اتضح أنها أكثر دهاء وتعقيدا، فما بالنا بالمادة الحية؟! الحق أن مبدأ اللاحتمية بترابطاته الإحصائية يفرض نفسه على البيولوجيا أكثر من أي علم آخر.
أما في العلوم الإنسانية فقد وصل المد اللاحتمي إلى حد ثورة مناظرة لثورة الفيزياء - وإن تأخرت عنها نصف قرن وأتت في أواسط الخمسينيات - نتيجة لتطور العلوم الإحصائية، ولكي تنشئ نوعا جديدا من المرونة الفكرية وامتدادا لاستراتيجيات بحث الظواهر النفسية. إنه علم النفس المعرفي
Cognitive Psychology
الذي يدرس الاختيار والحرية والإرادة، وهي ظواهر أسرف علم النفس التحليلي والسلوكي على السواء في إلغائها انسياقا وراء الحتمية العلمية الشاملة . أما علم النفس المعرفي فهو طريق ثالث، لكن يستوعب إيجابيات السلوكية بإمبيريقياتها الفعالة في إجراء وضبط التجارب والقياسات والاختبارات السيكوميترية والجداول الإحصائية، ثم يتجاوز قصوراتها وتسطيحها للظاهرة النفسية؛ ليصوب الانتباه على الطريقة التي يفكر بها الناس وعلى معرفتهم وتصوراتهم كمحددات أساسية للشعور والفعل والسلوك، وهذا ما أغفلته السلوكية امتثالا للإبستمولوجيا الكلاسيكية الميكانيكية. إن الناس يختارون الكثير من معارفهم ومداركهم. نحن لا نشاهد كل وقائع الرؤية ولا نسمع كل وقائع الصوت، الانتباه انتقائي إلى حد كبير مما يجعل وقائع معينة دون غيرها تدخل حيز الإدراك، وليس من الضروري أن تكون هي الأقوى في إثارتها للأعصاب الحسية، فالبرنامج المعرفي للشخص أقوى في توجيه الانتقاء في الانتباه. اللغة أيضا تخضع لهذا الاختيار الانتقائي في اكتسابها وفي استخدامها، وبفضل الجهود الدءوبة لرواد - نخص منهم بالذكر أولريك نايسر وجيروم برونر وريتشارد لازاروس - تبلور علم النفس المعرفي خلال الستينيات وشق طريقه الواعد مستفيدا من إيجابيات للعلم في القرن العشرين، وأيضا تقاناته، خصوصا نظريات الذكاء الاصطناعي وأنظمة الكومبيوتر كمناظرة تخطيطية لفهم أنظمة الذكاء الطبيعي أو العقل الإنساني في حل المشكلات.
وأيضا لم يعد علم الاجتماع في القرن العشرين أسيرا للحتمية الميكانيكية التي حكمت منظور أوجست كونت الوضعي في القرن التاسع عشر ظهرت مدارس عدة تستوعبها وتتجاوزها، وتبدي مزيدا من الفعالية والكفاءة في دراسة الظواهر الاجتماعية ودراسة العنصر الكايوسي فيها. ولم يدحض الواقع قضية مثلما دحض الزعم الفاسد بحتمية التاريخ. والواقع أن الحتمية التاريخية في أصلها - كما أوضح كارل بوبر - حيلة أيديولوجية للصهيونية: حتمية تحقق وعد الله وعودة شعب الله المختار إلى أرض الميعاد، وأصبحت هكذا للشيوعية والنازية والفاشية، تخلى عنها جمهرة المؤرخين في القرن العشرين الباحثين عن منظور علمي للتاريخ، لدرجة أن المؤرخين الألمانيين إدوارد ماير وماكس فيبر قاما بدراسة جادة للاحتمال الموضوعي في التاريخ، أي تصور ما كان يمكن أن يحدث في الماضي، وهذا تصور علمي يعين على فهم أعمق للحاضر.
66
إن هناك نهاية مفتوحة للتاريخ تفرض دائما نظرة لا حتمية.
ولا يذكر التاريخ من دون الجغرافيا، وهي علم علاقة الإنسان ببيئته، النظرة الحتمية التي تدين للإبستمولوجيا الكلاسيكية ترى المسألة نتاجا آليا للعوامل البيئية، أما النظرة اللاحتمية في القرن العشرين فتنطلق من أن العامل البشري أكثر حسما. مراكز الصناعة مثلا لا تعتمد على العوامل البيئية قدر اعتمادها على العوامل البشرية، وهناك بيئات متشابهة طبيعيا لكنها مختلفة بشريا، مثلا يختلف سكان خط الاستواء في إفريقيا عنهم في جزر جنوب آسيا. وظهرت لا حتمية صريحة في جغرافيا القرن العشرين صاغتها بقوة «مدرسة الإمكانات
»، وهذا مصطلح قدمه لوسيان فيفر
ناپیژندل شوی مخ