127

فلسفه علم په لسمه پېړۍ کې: اصول – حاصلات – راتلونکي لیدلوري

فلسفة العلم في القرن العشرين: الأصول – الحصاد – الآفاق المستقبلية

ژانرونه

أي في محاولة اشتقاق ضرورة أنطولوجية من تطبيقها.

ثم جاء آينشتين وأثبت القصور في محاولة تطبيق الهندسة الإقليدية على العالم، فوضع المسمار الأخير في نعش الحجة الرياضية الإقليدية للتصور الميكانيكي الكلاسيكي للكون، حين جعل من هندسة ريمان الهندسة الفيزيائية، أي هندسة الكون الذي نحيا فيه. وكان آينشتين يعتبر هذا أعظم إنجازاته، فحين سأله ولده عن سبب شهرته الفائقة، أجابه: «أتعلم يا ولدي، عندما يزحف صرصور أعمى على سطح كرة فإنه لا يلاحظ أن الطريق الذي سار فيه منحن ، بينما أنا بالعكس أسعدني الحظ أن ألاحظ ذلك!»

53

أفلا يعني هذا أن الكلاسيكيين حين استمدوا من إقليدية النيوتنية سندا لإبستمولوجيتهم الحتمية كانوا صراصير عميانا؟!

ومن ناحية ثانية، شهد رحاب الرياضيات على مشارف القرن العشرين منجزات أخرى تعد من المنظور الفلسفي ثورة وعلى مستوى آخر أعمق غورا وأكثر أولية، مستوى المنطق الرياضي، إنها ثورة المنطق الرياضي أو ثورة الرياضة المنطقية مع رسل ووايتهد اللذين رأيا - بخلاف جبر المنطق مع جورج بول، أي رد المنطق إلى الرياضة - رأيا أن الرياضيات هي التي ترد بأكملها إلى المنطق، خاصة بعد تحسيب الرياضيات، أي ردها إلى علم الحساب على يد فريجه، ورد علم الحساب إلى مفهوم العدد على يد بيانو، ورد العدد إلى المنطق على يد برتراند رسل، الأمر الذي جعل رسل يعبر عن العلاقة بين المنطق والرياضة بقوله الشهير إنهما لا يختلفان، إلا كما يختلف الصبي عن الرجل، فالمنطق هو صبا الرياضيات، والرياضة هي رجولة المنطق.

ثم أخرج رسل ووايتهد معا كتابهما العظيم «برنكبيا ماتيماتيكا» أي «أصول الرياضيات» العام 1910-1913م ليبدآ فيه بثلاثة لا معرفات هي الإثبات والنفي والبدائل، ومنها فقط تمكنا بواسطة التدوين الرمزي من استنباط قواعد المنطق الصوري بأسرها. وهذا التناول التحليلي للرياضة أثبت أنها مثلها مثل المنطق، قضايا تحليلية فارغة من أي مضمون، وأصبح مبرهنا أن الرياضة بأسرها لا تعني إلا اشتقاق النتائج الضرورية التي تلزم عن مقدمات معينة، ومقدمات الرياضة البحتة بأسرها ليست إلا قواعد للاستدلال، إنها تحصيلات حاصل، المقدم هو ذاته التالي، لكن في صورة أخرى ولا إضافة البتة؛ لذلك يستحيل أن تقبل الكذب أو أن تتعرض للتكذيب، إنها يقينية؛ لأنها لا تمثل إلا ارتباطات جديدة بين مفاهيم معروفة وتبعا لقواعد معروفة.

وهذا الكشف عن الطبيعة التحليلية للرياضيات، حل كثيرا من الألغاز المستعصية، فمثلا يمكن أن نفهم الآن كيف فقدت الإقليدية أي ضرورة أنطولوجية، بل إبستمولوجية، بينما ظلت محتفظة بالضرورة المنطقية، فتبقى إلى أبد الآبدين صحيحة؛ وذلك لأنها محض تحصيلات حاصل تربط الضرورة المنطقية بين طرفيها، فإذا سلمنا بالمقدم وهو البديهيات والمسلمات وجب أن نسلم بالتالي، وهو النظريات أو المبرهنات في إطار النسق الإقليدي. لقد أدرك الجميع أن الهندسة ليست أكثر من لعبة منطقية إلى حد معين، وكل ما يعرفه عنها عالم الرياضيات هو البديهيات، أي قواعد اللعب، المستقيم والنقطة والسطح المستوي ... هي بيادق هذه اللعبة، وقواعد المنطق هي قواعد اللعب بهذه البيادق.

54

أقر الرياضيون أن النسق الهندسي قد بني وفقا لمتواضعات

conventions . إنها تمثل صيغا فارغة، لا تتضمن أي عبارات حول العالم الفيزيقي، اختيرت على أسس صورية محضة، ويمكن أن تحل محل الصيغ الإقليدية صيغا لا إقليدية، وبهذا اكتشف الرياضياتي أن ما كان يستطيع إثباته لا يعدو أن يكون نسقا من علاقات اللزوم الرياضية، أي علاقات «إذا كان ... فإن» التي تؤدي من البديهيات إلى النظريات الهندسية، وأصبحت الهندسة الرياضية بدورها مجرد حقيقة تحليلية.

ناپیژندل شوی مخ