وفحوى ذلك أن المرأة لا يجوز لها أن تخرج بزينة جسدها لتتصدى للغواية بين الغرباء، وهي حل بعد ذلك أن تلقى من تشاء ممن تجمعها بهم مجالس الأسرة من الرجال أو النساء.
وما من عقل سليم يرى أن الشرائع تتخطى حدودها حين تعرض لمنع التبذل والغواية على هذا النحو الصريح، وما من عقل سليم يبدو له أن حراسة الأعراض والأخلاق بمثل هذه الحيطة فضول من الشرائع والقوانين ، أو تصرف لا نظير له في المجتمعات البشرية التي تتكفل بحراسة الأموال والأرواح.
فلا فائدة للرجل ولا للمرأة ولا للأمة في جملتها من هذا الرياء الذي يجزم باستحالة الأخطاء الشهوانية حين تستثار بغواية الزينة المكشوفة، وهو في الوقت نفسه لا ينزه النفس البشرية من سرقة الدراهم والسلع إذا عرضت بغير حيطة لكل من يمد إليها يده، ومن حاول التفرقة بين الأمرين بالتفرقة بين الطمع في الجماد، والطمع في مخلوق إنساني، يؤكد ضرورة الحيطة هنا من حيث يريد أن يبطلها أو يضعفها؛ لأن الخطر الذي تلتقي فيه الرغبة من الجانبين أولى بالحيطة من خطر مقصور على رغبة السارق دون الجماد المسروق.
ولعل الغربيين قد لمسوا من أضرار الإباحة المطلقة في مقابلات الجنسين ما يجوز بهم إلى الصواب في مسألة «الحجاب» فيفهمون الحكمة في الاعتدال بين الإباحة المطلقة، والقسر الشديد في هذه المسألة التي لا يغني فيها الرياء عن الحقيقة، ويدركون أن أخطار الشهوات الجنسية شيء يحسب له حساب في الشرائع والآداب؛ لأنه حساب الأعراض والأنساب.
وخير ما يطلب من الشريعة عدل وصحة تقدير، ونحن لا نلتزم العدل ولا صحة التقدير حين نتجاوز بالكائن الحي طبيعته في حقوقه وواجباته، أو حين نطلب من الطبيعة ما لا يستطاع.
الزواج
من الأوهام الشائعة بحكم العادة أن الدين الإسلامي هو الدين الوحيد الذي أباح تعدد الزوجات بين الأديان الكتابية.
وهذا وهم قد سرى إلى الأخلاد بحكم العادة كما أسلفنا؛ لأن الواقع الذي تدل عليه كتب الإسرائيليين والمسيحيين أن تعدد الزوجات لم يحرم في كتاب من كتب الأديان الثلاثة، وكان عملا مشروعا عند أنبياء بني إسرائيل وملوكهم فتزوجوا بأكثر من واحدة، وجمعوا بين عشرات الزوجات والجواري في حرم واحد، وروى «وستر مارك
Wester Mark »، العالم الحجة في شئون الزواج على اختلاف النظم الإنسانية، أن الكنيسة والدولة معا كانتا تقران تعدد الزوجات إلى منتصف القرن السابع عشر، وكان يقع غير نادر في الحالات التي لا تعنى بها الكنيسة عنايتها بزواج الأسرة الكبيرة.
وكل ما حدث في القرن الأول للمسيحية أن الآباء كانوا يستحسنون من رجل الدين أن يقنع بزوجة واحدة، وخير من ذلك أن يترهب ولا يتزوج بتة، فكانت الفكرة التي دعت إلى استحسان الزواج الموحد هي فكرة الاكتفاء بأقل الشرور، فإن لم تتيسر الرهبانية فامرأة واحدة أهون شرا من امرأتين! وكانت المرأة على الإطلاق شرا محضا! وحبالة من حبالات الشيطان، بل أخطر هذه الحبالات، واستكثر أناس من آباء الكنيسة وفقهائها أن تكون لها روح علوية، فبحثوا في ذلك وأوشكوا أن يلحقوها بزمرة الحيوان الذي لا حياة له بعد فناء جسده.
ناپیژندل شوی مخ