انګلیزي فلسفې په سل کلونو کې (لومړی برخه)
الفلسفة الإنجليزية في مائة عام (الجزء الأول)
ژانرونه
Laissez-Faire » في السياسة والتجارة والتعليم، وينفر من كل استخدام للقوة في الدولة، ومن كل طغيان ونزعة عسكرية، ومن كل سيطرة في الأذهان وقمع للرأي الحر، ومن التعصب الكنسي، وكل ما يماثل ذلك. ولقد كان في ذلك كله يعكس بدقة المثل العليا للقرن الماضي، بنزعته التحررية والفردية، وتقدمه المذهل، وحريته الوهمية، وإيمانه الذي لا يقدر بالعلم، وعدم اكتراثه بالدين؛ وهي كلها صفات تحمل بوضوح طابع عصر التنوير الذي يرجع أصلها إليه.
وقد وجه سبنسر مذهبه بفلسفة أخلاقية استهدف فيها جمع كل الخيوط الفكرية السابقة سويا، وكان على مبادئه أن تكشف عن حقيقتها في معالجة سلوك الإنسان والأفكار الأخلاقية لمختلف الشعوب والأزمنة، وقبل ذلك كله، في تحديد ما ينبغي أن تكون عليه غايات الفعل الأخلاقي وقوانينه، كما كان ينبغي على المجال الأخلاقي أن يثبت أنه يكشف عن انتظام قانون التطور.
ولقد كان هذا هو الأساس الذي بنيت عليه كل النظريات الأخلاقية التطورية المتعددة التي ظهرت بعد نظرية سبنسر. ولكن على الرغم من مبدئه الجديد هذا، فلا يمكن القول إنه أحدث أي تغير حقيقي في مجال النظريات الأخلاقية؛ فقد كان من الطبيعي أن يتمشى مذهبه الأخلاقي الخاص مع المذاهب التجريبية الإنجليزية السابقة عليه. وقد قبل المبادئ الأساسية لمذهب اللذة النفعي، ونسج داخل إطارها نظريته التطورية الخاصة، مثال ذلك قوله إن السلوك المؤدي إلى أعظم قدر من السعادة هو ذلك الذي ينطوي على أعظم قدر من التقدم والنهوض بالحياة، وهو الأصلح لتحقيق غايتها، والذي يؤدي على مستوى تطوري أعلى. ولقد أوحت فكرة وجود مستويات متعددة للنمو إلى سبنسر بالتمييز بين الأخلاق النسبية والأخلاق المطلقة، فلا يمكن أن تحقق المثل الأخلاقية العليا تحققا كاملا إلا في أعلى المستويات، وهو يتصور هذا المستوى الأعلى على أنه حالة لا تحدث إلا في مدينة فاضلة خيالية، يختفي فيها كل تعارض بين المصالح الفردية، ويحل محله انسجام يبلغ من الكمال حدا لا يوجد معه مجال حتى للاختيار بين الخير والشر، ففيها يرفع التضاد بين الأنانية والغيرية.
ولا يمكن أن تحدث هذه الحالة إلا بتكيف الفرد تكيفا كاملا مع بيئته، ولنلاحظ أخيرا أن سبنسر قد لعب في الأخلاق، كما لعب في نظرية المعرفة، دوره التقليدي في التوفيق بين أطراف النزاع، فحاول أن يزيل الخلاف بين الأخلاق الحدسية والأخلاق التجريبية بأن قال بوجود قوانين أخلاقية تعد أولية بالنسبة إلى الفرد، ولكنها اكتسبت خلال النضال الطويل الأمد، الجنس البشري، وهو هنا يزيف - كما فعل من قبل - المعنى الباطن «للأولية»، ويظل ملتزما حدود الموقف التجريبي.
ولكن على الرغم من أن مذهب سبنسر الأخلاقي قد قصد منه أن يقدم الدليل النهائي على صحة مبدأ التطور، فقد ختم سبنسر هذا الجزء من مذهبه باعتراف قال فيه إنه لم يجد مبدأه العام مثمرا إلى الحد الذي كان يتوقعه من قبل. وكان ذلك هو الموضع الوحيد الذي لمح فيه إلى الشك في قابلية هذا المبدأ للتطبيق الشامل، وباستثناء هذه الحالة الوحيدة، لم يطرأ على مذهبه أبدا «ذلك الوهن الذي يبعث قناعا شاحبا» من الشك فقد كتب وهو مقتنع - عن ثقة تامة - بأنه يحمل معه مفتاح جميع المشاكل الفلسفية، وكل ألغاز الكون. ولكن الواقع أنه كان في حاجة إلى كل ذرة من هذا اليقين المتعصب لكي يقرر أن يأخذ على عاتقه وينفذ مثل هذه المهمة الضخمة، أعني فلسفته التركيبية، التي لا يملك من يشكون فيها، أو حتى من يرونها باطلة من أساسها، إلا أن يبدوا الإعجاب بها.
وليس من مهمتنا في هذا المجال تتبع مجرى المذهب التطوري بعد دارون وسبنسر في جميع مراحله وتنوعاته، بل إن كل ما نستطيع القيام به هو إيضاح لقوته ومجاله، كما يظهران لدى بعض من أشهر ممثليه، فقد كان معظم من ناصروا الفكرة الجديدة وتوسعوا فيها من العلماء، أما الفلاسفة المحترفون - ولا سيما أصحاب الكراسي الجامعية - فقد ظل معظمهم بمعزل عنها، وساروا في طرق أخرى، وربما كانت أهم شخصية في الفئة الأولى، وأشد أنصار النظرة الجديدة إلى الكون تحمسا، هو توماس هنري هكسلي
T. H. Huxley (1825-1895) كان هكسلي عالما بارزا في علم الحيوان، كما كان من أبرز الشخصيات في الحياة العقلية بالعصر الفكتوري. وبفضل التقدير الذي اكتسبه بقوة شخصيته، وشدة إصراره، وقوة أسلوبه وتحمسه، وطريقته الموفقة في صياغة التعبيرات والصيغ، نجح هكسلي في تحويل أفكار دارون إلى عملة جارية تتداول في كل ركن من أركان المجتمع. ولكن ذهنه كان أكثر استقلالا من أن يقتفي أثر دارون أو سبنسر أو أي شخص غيرهما دون تمييز؛ إذ كان يطبع شخصيته الخاصة على كل ما يقتبسه، فهو حقا قد أقر رأي دارون في الصراع من أجل البقاء، غير أنه كان متشككا في قانون التكيف مع البيئة، وبالتالي في فكرة الانتقاء الطبيعي. أما في ميدان الفلسفة - الذي كان كثيرا ما يطرقه،
7
فقد ربط ربطا وثيقا بين المذهب التطوري والتراث القديم بالرجوع إلى هيوم «أمير اللاأدريين» كما أسماه، وهو الفيلسوف الذي كان يتفق معه في موقفه العام، وفي بعض التفاصيل، ولا سيما في فكرة هيوم الرئيسية القائلة إن كل معرفة حقيقية تقتصر على عالم التجربة، ومن هنا كان عداؤه للميتافيزيقا وكانت «لا أدريته
agnosticism »، وهو لفظ نحته هكسلي وسرعان ما انتشر انتشارا واسعا. كذلك كان مثل هيوم، يتصف بقدر غير قليل من التشكك بطبيعته وهي صفة ترتبط بمثل هذا الذهن المرن الذي ارتفع فوق النزعة القطعية الصارمة عند سبنسر.
ناپیژندل شوی مخ