انګلیزي فلسفې په سل کلونو کې (لومړی برخه)
الفلسفة الإنجليزية في مائة عام (الجزء الأول)
ژانرونه
وعندما أخذ سورلي يضع تفاصيل نظريته الخاصة في القيم، ازداد اهتماما بالقيم الأخلاقية، وجعل لها آخر الأمر مكان الصدارة بالنسبة إلى كل القيم الأخرى، بوصفها أنقاها وأشملها، ومن حيث إنها ترتبط بالقيم الأخرى جميعا. وهو يميز بين القيم من حيث هي أداة، والقيم من حيث هي كامنة، فالأولى تنتمي حتى إلى الأشياء المادية، بقدر ما تدخل في علاقات مع الأشخاص، أما الثانية - وهي القيم بمعناها الصحيح - فلا تنتمي إلا إلى الأشخاص بوصفهم حملتها، ولا تدخل هذه القيم الأخيرة في تركيب الكون عن طريق ارتباطها بالأشخاص.
ولقد شيد سورلي على نظرية القيم هذه مذهبه الخاص في الميتافيزيقا، الذي كانت مهمته الرئيسية، الرامية إلى تحقيق غايته الرابطة الجامعة، هي تجاوز ثنائية نوعي الوجود، أعني الوجود الفعلي أو الطبيعي، والوجود ذا القيمة أو الأخلاقي. فعلى الميتافيزيقا أن تهتدي إلى المصدر الموحد الذي نشأ عنه هذان العالمان، والذي قد يعودان إليه ثانية. ولما كان العالمان يلتقيان في الإنسان، فلا بد من تصور هذه الوحدة العليا، وهي المطلق أو الله، من خلال مقولة الشخصية. فإذا شئنا أن نحقق النظرة المتكاملة التي تعطي كلا من القيم والوقائع الطبيعية حقها الكامل، فإنا لا نستطيع الاستغناء عن فكرة الله؛ فالله ضروري ليس فقط من حيث إنه خالق الكون الموجود، بل أيضا من حيث إنه ماهية كل قيمة ومصدرها.
وحسبنا هنا أن نشير من بعيد إلى النتائج الميتافيزيقية لهذا الرأي، فقد وضع سورلي مصادرتين ميتافيزيقيتين، هي الحرية الفردية للإنسان، والغرضية الكونية للطبيعة. أما الأولى فتثير مشكلة خطيرة هي علاقة الإنسان بالله في علمه الشامل وقدرته الكاملة. فوجود الشر وتلك الأحداث التي لا يجوز أن تنسب إلى الإرادة الإلهية، وقدرة الإنسان على أن يسلك على نحو مضاد للقانون الأخلاقي، هذه الحقائق وغيرها لا يمكن تفسيرها إلا على أساس افتراض أن الله يضع لقدرته الشاملة حدودا، وأن تحديد الله لذاته هو جزء أساسي من طبيعته. ويفضل سورلي هذا الموقف على محاولة الهيجلية الجديدة رد الأشياء والأشخاص إلى مجرد أحوال يظهر عليها المطلق، الذي يفقدون فيه - من وجهة النظر النهائية - كل ما يجعلهم يبدون على ما هم عليه.
ومن الممكن أن تسمى مثالية سورلي مثالية أخلاقية، ما دامت ترتكز على مذهب للقيم تحتل القيم الأخلاقية مكان الصدارة فيه، ولما كان يعزو إلى الأشخاص - بوصفهم حملة القيم ووسطائها - مكانة ميتافيزيقية تعلو على مكانة العالم الطبيعي، عالم الوقائع المادية الخالصة، فإن موقفه أقرب إلى مثالية باركلي منه إلى مثالية أفلاطون، فهي مثالية أشخاص فرديين يندرجون تحت روح إلهية تتصور بدورها على أنها شخص، فهي مثالية ألوهية، أقرب إلى تفكير «راشدال» منها إلى أي مذهب معاصر. وبالمثل يرجع مذهب راشدال إلى باركلي، وإن يكن ارتباطه، داخل هذا المذهب، بالجانب الروحي على وجه التخصيص من ميتافيزيقا باركلي، أقوى بكثير من ارتباط سورلي به؛ فمثاليته موجهة ضد المثالية المطلقة عند المفكرين الأقوى تمسكا بهيجل، وهي تتأثر بكانت أكثر ما تتأثر بهيجل. ولما كان اهتمام سورلي قد اتجه أساسا إلى الأخلاق والميتافيزيقا، فإنه لم يعرض مذهبا خاصا به في نظرية المعرفة.
اتخذت المثالية طابعا فريدا عند راشدال، الذي كان من أقوى الزعماء تأثيرا في المذهب الديني المحدث بإنجلترا. وربما كانت أول قوة دافعة إلى تكوين نظرته المثالية إلى العالم هي تلك التي أتته من جماعة أكسفورد (فقد استمع إلى محاضرات جرين وهو طالب)، وإن يكن قد شعر منذ وقت مبكر بنفور من المذهب عند برادلي وبوزانكيت، وازداد تحولا إلى لوتسه، الذي رأى أنه هو الوحيد من المفكرين البارزين المحدثين الذي كان تفكيره مسيحيا بعمق ودون قيد أو شرط. غير أن ما اتصف به تفكيره من الوضوح والهدوء، وما اقترن به من ميل قوي إلى الموقف الطبيعي، جعله لا يستفيد كثيرا من الأعماق الغامضة للفلسفة الهيجلية؛ فاتجه بتفكيره، بدلا من ذلك، إلى باركلي، الذي اجتذبته ميتافيزيقاه الدينية بوصفه لاهوتيا وبوصفه فيلسوفا ذا ميول مثالية. وبفضل استيعابه للأفكار الأساسية في ميتافيزيقا باركلي ونظريته في المعرفة، أصبح هو الباعث الحقيقي لمذهب الألوهية عند باركلي في القرن العشرين؛ أعني الباعث الأصيل الوحيد لهذا المذهب؛ ذلك لأن المحاولات الأخرى التي بذلها فرييه
Ferrier
وفريزر وكولينز وسيمون وغيرهم لم تلق إلا اهتماما عابرا.
ولقد وضع راشدال، مقابل المثالية المطلقة، مثالية شخصية، فقد انبثقت فلسفته عن اقتناع بالطابع الفردي والفريد للشخص، سواء أكان ذلك الشخص إنسانيا أم إلهيا، وظلت مرتبطة بهذا الاقتناع ارتباطا وثيقا. ولقد أدت الحماسة التي دافع بها عن هذا الاعتقاد، والتي كادت تبلغ حد التعصب، إلى جعله يغمض عينيه عن حقوق أو مزايا أية نظرية تقول بكيان فوق الفردي، أو كلي، قد يهدد قداسة الذاتية الشخصية وطابعها المطلق، وجعلته يستهل نشاطه الفلسفي في صحبة جماعة من الكتاب كانت تشمل بعض البرجماتيين، الذين لم يكن يجمع بينه وبينهم شيء إلا معارضته للمذهب المطلق. ويعبر المقال الذي ساهم به في مجموعة الأبحاث التي نشرها «هنري سترت» بعنوان «المثالية الشخصية»، عن الخطوط الرئيسية لتفكيره، الذي طبقه فيما بعد ووسعه في الميدانين اللاهوتي والأخلاقي، وإن لم يكن قد تجاوزه في أية نقطة أساسية.
فهو قد أعلن - متفقا في ذلك مع باركلي اتفاقا وثيقا - أنه لا يمكن وجود مادة بلا ذهن، ولا أشياء جسمية موجودة في ذاتها، والذهن يوجد على صورة أشخاص عارفة مريدة، وكل ما ليس بذهن - بهذا المعنى - لا وجود له إلا في علاقته بذهن، فعالم الحقائق الأصيلة يتألف من أذهان متناهية، ومن الذهن اللامتناهي الذي هو الله؛ إذ إن هذا الأخير ضروري لإعطاء أساس موضوعي كامل للأشياء الخارجية التي تبدو أولا (في ترتيب المعرفة) في وعي الأذهان المتناهية، والذهن فردي على نحو مطلق، وهو يتحقق دائما في وعي مستقل، دون أن يكون من الممكن نفاذ أي وعي آخر فيه، أي إن الأشخاص يستبعد كل منهم الآخر. وقد طبق راشدال هذه الفكرة التي هي الأساسية في تفكيره، على علاقة الأشخاص المتناهين بالشخصية الإلهية، وانتهى من ذلك إلى استحالة استيعاب الشخصية الإلهية للأشخاص المتناهين. وهنا أعرب عن معارضته لأية صورة من المعاناة الصوفية لله أو الإدراك الحدسي له، على أنها تنطوي على قضاء على حدود الشخصية أو إذابة لها. والأمر الذي كان يود أن يصل إليه، هو إقامة الدين على برهان عقلي محض، ولم يتردد آخر الأمر في قبول النتائج المنطقية لمبدئه القائل باستقلال الشخصية واستحالة نفاذ غيرها فيها؛ وأعني بهذه النتائج، الفكرة القائلة إن الله متناه، فقدرة الله تحد بوجود الأشخاص الإنسانيين، والحقيقة المطلقة ليست هي الله، وإنما هي مجال مشترك للأرواح الشخصية التي يكون الله واحدا منها، وإن يكن هو الروح الرئيسية. وهذا الرأي مشابه لرأي ماكتجارت.
ولقد كان كتابه «نظرية الخير والشر» من أدق وأشمل الأبحاث الإنجليزية الحديثة في الأخلاق، وهو يصف موقفه، الذي كان أقرب إلى سدجويك ومور منه إلى جرين وبرادلي، بأنه «مذهب منفعة مثالي
ناپیژندل شوی مخ