الأنظمة الاستبدادية الفاسدة التي ترسيها الانقلابات العسكرية: كما هو الحال في مصر وليبيا، أو السلالات الملكية التي تشتري ولاءها بثروتها، كما هو الحال في المملكة العربية السعودية والمملكة الأردنية الهاشمية. (2) «الأصولية الإسلامية»: التي تخفي عمدا الخلافات التاريخية والسياسية بين المجموعات المختلفة، في ظل الأنظمة أو فيما بينها. (3)
إرهاب «القاعدة»: الذي يوضع في نفس سلة «الأصولية الإسلامية».
تعود بطبيعة الحال أصول «القاعدة» تاريخيا إلى المملكة العربية السعودية، حيث ولد أسامة بن لادن، وعدد كبير من مفكري الإخوان المسلمين الموالين للقاعدة بمصر، كسيد قطب مثلا؛ فمن المعروف أن الزعيم الثاني للقاعدة هو الطبيب المصري أيمن الظواهري.
لا أحد من المعلقين والمتتبعين ترقب بروز حركة المقاومة الشعبية الديمقراطية، ولا أحد تحدث في عمقها بالمعنى السياسي؛ فمع أن هذه الحركة قد تبدو أحيانا على شكل تقوى/ورع، ولكنها ليست بحركة متعصبة، وهو تمييز هام يتم تجاهله باستمرار. فكما تلقى أتباع مارتين لوثر تربيتهم في كنائس السود بأمريكا الجنوبية، وأطلقوا قوتهم الروحية في هذه المجتمعات، فإن حشود تونس ومصر وخارجهما، تربوا على التقاليد الإسلامية من قبيل الشهادة؛ فأن تصير شهيدا فهذا قدر إلهي! وليس هناك من تناقض ضروري بين الإيمان الديني لعدد كبير من المتظاهرين في الحركات الثائرة في تونس ومصر وبين تطلعاتها الحديثة!
بأي معنى يمكن اعتبار هذه الحركات حديثة؟ إنها كذلك أولا وقبل كل شيء لأنها تسعى وراء إصلاح دستوري، وضمان حقوق الإنسان، وضمان المزيد من الشفافية والمسئولية من قبل المسئولين السياسيين، ووضع حد لرأسمالية المحاسيب،
2
وللنخب الفاسدة - كعائلة القذافي القاتلة في ليبيا - التي نهبت بلدانها بتواطؤ مع شركات البترول الأجنبية، وخصخصت مواردها الثمينة كما هو الحال في مصر. فشباب هذه البلدان درسوا وعملوا في أوروبا وأستراليا وكندا والولايات المتحدة الأمريكية، حيث أبناء عمومتهم وآباؤهم يعملون كمهاجرين في هذه البلدان، ويعرفون ماذا يقع خارج بلدان الخليج الغنية، وقد تمردوا لمواكبة العالم المعاصر ولا يريدون السكوت على وضعهم.
كشفت وسائل الإعلام العابرة للحدود الأكاذيب التي تبثها وسائل الإعلام الرسمية لسنوات، وقد دار الحديث كثيرا عن المساهمة الكبيرة التي لعبتها وسائل الإعلام الجديدة مثل «فيسبوك» و«تويتر» في هذه الثورات. وهذا صحيح بالتأكيد؛ فوائل غنيم الذي يدير «جوجل» بمصر، يمثل حالة خاصة في هذا الانفتاح العالمي حينما صرح: (سوف أصافح مارك زوكربورج حينما ألتقي به!) وكان يعلم دون مواربة أن مارك زوكربورج يهودي! وماذا بعد؟
ما هي إذن الإمكانات المؤسسية: ماليزيا، أم تركيا، أم إيران؟ لا أحد على ما يبدو قادر على تقليد النموذج الإيراني؛ ونظرا للاختلافات بين دور اللاهوتي/السياسي المذهبي الشيعي أو السني، فلا يمكن أن تتبع مصر أو تونس النموذج الإيراني. ويمكن أن تشكل ماليزيا مجتمعا مسلما استبداديا ومنغلقا، حيث يتم التحكم في المرأة والفضاء العمومي.
أما تركيا فمجتمع متعدد ويتبنى ديمقراطية حية من طرف أحزاب سياسية متعددة، وغالبية مسلمة، فضلا عن تاريخها الخاص من استبداد الدولة؛ فالروابط التاريخية بين تركيا وبلدان من قبيل تونس ومصر وليبيا أيضا، تعود الى الحقبة العثمانية، حيث نجد أسماء النخب والمدن التركية حاضرة بعمق وعلى نطاق واسع. ولقد أشاد الشباب المصري كثيرا بالنموذج التركي.
ناپیژندل شوی مخ