17
وترى أن الفرد وفق منظورها للديمقراطية هو من يقرر في حياته الخاصة. ولضمان الانسجام بين التعددية الثقافية والكوسموبوليتية في عالم اليوم تأخذ بعين الاعتبار ثلاثة شروط: (1) «التعامل بالمساواة»: حيث يجب أن يتمتع أعضاء الأقليات بنفس الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والثقافية التي تتمتع بها الأغلبية. (2) «القبول الطوعي»: حينما يولد فرد ما، لا يجب أن يعين له دين ما أو ثقافة ما بشكل أوتوماتيكي. ولا يجب أن تترك الدولة للجماعات الحق في تقرير حياة الأفراد. فأعضاء المجتمع لهم الحق في التعبير بأنفسهم عن اختياراتهم. (3) «الحرية في الخروج من الجماعة والحرية في التجمع»: لكل فرد الحرية في الخروج عن جماعته. فحينما يتزوج فرد من جماعة أخرى فلكل منهم الحق في الحفاظ على عضويته. ويجب إيجاد تسويات بالنسبة للأزواج بين الجماعات وأطفالهم.
يطرح موضوع الانسجام بين التعددية الثقافية والمساواة الديمقراطية نقاشات كبرى؛ فالشرط الأول يتعلق بالعديد من الثقافات التي تتعرض فيها الأقليات لاضطهادات متكررة من طرف الأغلبية، وحيث لا تقوم الحكومات بأي جهد لوقف المجازر التي يتعرضون لها. كما أن الشرطين الأخيرين يطرحان مشكلات كبرى. (2-2) المساواة والتنوع في عصر العولمة
لم يكن الفكر والفلسفة السياسيين يهتمان بشكل كبير بمسألة التعددية الثقافية قدر اهتمامهما بها اليوم، بحيث كرست معاهدة ويستفاليا المنظور الأحادي للهوية والمواطنة داخل الدولة الوطنية (الدولة-الأمة) فيما يشبه الدولة- المدينة، رغم أن أفلاطون كان يصرخ دوما داخل الدولة المدينة: «أنا لست أثينيا، ولا يونانيا: أنا مواطن العالم»، وعلى منواله تغنى الرواقيون والكلبيون بالمواطنة العالمية والكونية
18
وقليلا ما استثمر هذا الإرث اليوناني في الفلسفة السياسية، ويعود هذا المشكل في نظر بن حبيب إلى الفصل العبثي بين الديموس
Démos
والإثنوس
Ethnos .
ستتعزز الدراسات حول إشكالات الهوية والتعددية الثقافية، مع نهاية الحرب العالمية الثانية وما تلاها من بداية جديدة للعلاقات الدولية والاعتراف بالمؤسسات الدولية والعالمية التي دافعت عن تعزيز حقوق الإنسان؛ نتيجة كوارث الأنظمة الشمولية والاستبدادية التي اجتاحت العالم، وهي الإشكالات التي عالجتها سيلا في كتابها القيم: «مطالب الثقافة: المتماثل والمختلف في عصر العولمة».
ناپیژندل شوی مخ