بنية وطنية للتواصل، وصحافة وطنية، ومن ثم شبكة وطنية للإعلام والتوزيع.
هذه العناصر المؤسساتية هي التي ارتكزت عليها النظرية التقليدية للفضاء العمومي بطريقة أيديولوجية محددة وموجهة نحو سيرورة (وطنية) للتواصل العمومي (عن طريق اللغة الوطنية والإعلام الوطني)، والتي تخدم مصالح عامة مدبرة تواصليا؛ ذلك أن كيان المواطنين يقوم بقيادة وتنظيم شروط العيش المشترك وبشكل خاص اقتصاد وطني. وهو ما لا يسمح بالاعتراف أو البينذاتية على مستوى كوني عابر للأمم. بحيث اكتفت النظرية التقليدية الهابرماسية على المستوى الأمبريقي بالنظر فقط في السيرورات التاريخية التي ساهمت في دمقرطة الدولة-الأمة (الوطنية)، وعلى المستوى المعياري فلا تمثل إلا مساهمة في نظرية الديمقراطية الوطنية. وهنا تكمن حدود نظرية هابرماس في الفضاء العمومي، وفي هذين المستويين ترى نانسي فريزر أنه يمكن نقد اختلالات الديمقراطية للدول-الأمم
11
بتجاوز الطرح الهابرماسي، من خلال البحث عن أسس جديدة لنظرية معاصرة؛ لأن نظرية هابرماس تتعلق بمشروع سياسي محدود مرتبط بالدولة الوطنية (أي دمقرطة الدولة الحديثة)، يصعب معه «فهم كيف تؤسس الفضاءات العمومية سلطة ديمقراطية مضادة لسلطة الدولة»،
12
لذا فإن نقد هذه النظرية التقليدية يتوجه إلى الأسس الوطنية التي قامت عليها.
كانت المقاربة الهابرماسية مبنية على أسس وطنية أي داخل الإطار الوطني، وهو الأمر الذي نجده لدى الانتقادات المتنوعة التي تعيد التفكير في الفضاء العمومي من وجهة نظر النوع (النساء) والعرق (الأقليات) والطبقة (الفقراء). ولم تتم أشكلة نظرية الفضاء العمومي إلا في العقود الأخيرة بفضل تنامي الظواهر العابرة للأمم، والمرتبطة بالعولمة أو بما بعد الاستعمار أو بالتعددية الثقافية؛ حيث أصبح من الضروري بحث إمكانية وضرورة إعادة تشكيل نظرية الفضاء العمومي على أسس عابرة للأمم (دولية، عالمية).
تنطلق فريزر من بعض عناصر التفكير في هذا السبيل من أجل فضاء عمومي ما بعد برجوازي؛ إذ كتبت تقول: «يتمثل اقتراحي العام في إعادة تسييس نظرية الفضاء العمومي التي تتعرض لخطر فقدان قيمتها السياسية
dépolitisée .»
13
ناپیژندل شوی مخ