175

فلسفه ډولونه او مسایل یې

الفلسفة أنواعها ومشكلاتها

ژانرونه

2

ويتفق جيمس مع باسكال على أن العقل لا يستطيع الوصول إلى رأي قاطع في مسألة الله والخلود. ولكنه لا يكتفي بأن يستدل على وجود الله من حاجتنا إليه، كما فعل باسكال قبل أن يقترح «رهانه» بوصفه حجة إضافية لأولئك الذين كانت حاجتهم إلى الله أقل إلحاحا من حاجته هو. وبدلا من ذلك يقول جيمس بفكرة أخرى اشتهرت بفضل بسكال: «إن للقلب أسبابه التي لا يعرفها العقل».

ويدافع جيمس عن حق ما يسميه «بطبيعتنا الوجدانية» وعن مطالبها، التي تعادل تقريبا ما يسميه علم النفس المعاصر بحاجتنا العاطفية. غير أن جيمس لا يكتفي بالقول بأن للناس جميعا مطالب عاطفية فضلا عن العقلية. فهو يقول إن كل القرارات والأحكام الحيوية، حتى عندما تبدو عقلية إلى أبعد حد، وقائمة على أساس منطقي، هي في الواقع ضروب من الاختيار العاطفي الذي تقوم به «طبيعتنا الوجدانية». فلنضرب لذلك مثلا بذلك الاعتقاد المشهور لدى العالم أو الفيلسوف، وأعني به الاعتقاد بأن الحقيقة هي القيمة العليا، وبأن النتائج التي يصل إليها العقل أو الذكاء مفضلة دائما على ما تتجه إليه رغباتنا. ولكن جيمس يتساءل: «ماذا نقول عن تلك المواقف التي يكون لبعضها أهمية كبرى بالنسبة إلى السعادة البشرية، والتي لا يستطيع العقل فيها أن يكتشف أية حقيقة»؟ لنتأمل مشكلتنا الراهنة، وهي وجود الله والخلود. فلا العلم ولا المنطق بقادرين على أن يقدما إلينا إجابات قاطعة، وإذا لم يكن لدينا مفر من الاعتماد عليها فسوف نكون - وسنظل دائما - في ظلام.

فماذا نفعل إذن؟ إن الشكاك، أو اللاأدري، يقول: «توقف عن الحكم ولا تختر شيئا، ولا تثبت أو تنف»، بل إن ذوي الأذهان الأكثر صلابة قد يذهبون إلى حد تأكيد أن من الواجب ألا نؤمن بأي شيء يمكن أن نشك فيه. فهم قد يطلبون إلينا ألا نؤمن أبدا على أساس أدلة غير كافية، بل ويذهبون إلى أن من اللاأخلاقية أن نفعل ذلك. وقد اقتبس جيمس نصا من كليفورد

Clifford ، الذي كان في أيامه شكاكا معروفا، يقول فيه حول هذا الموضوع:

إن الإيمان يفقد قداسته إذا ما تعلق بعبارات لا دليل عليها ولم توضع موضع التساؤل، لمجرد رائحة المؤمن ولذته الشخصية ... فلو قبل الإيمان على أساس أدلة غير كافية، فإن اللذة تكون لذة مختلسة، حتى لو كان الإيمان صحيحا. وهي خاطئة لأنها مختلسة تتحدى واجبنا تجاه البشر. فهذا الواجب يقضي علينا بأن نحذر هذه الاعتقادات كما نحذر الوباء الذي قد يسيطر في وقت قريب على جسمنا ثم ينتشر منه إلى بقية المدينة. وإنه لمن الخطأ دائما، وفي كل مكان، ولكل شخص، أن يؤمن بأي شيء على أساس أدلة غير كافية.

3

غير أن جيمس يتساءل بذكاء: أليست وجهة النظر هذه عند شكاك كبير مثل كليفورد، موقفا وجدانيا إلى أبعد حد، مبنيا على اختيار عاطفي؟ إن ما يقوله الشخص الذي يتخذ هذا الموقف حقيقة هو أنه يفضل أن يخاطر بفقدان شيء طيب؛ إذ يرفض الإيمان بما قد يكون صحيحا، على أن يخاطر بالإيمان بشيء قد لا يكون صحيحا.

ويعتقد جيمس أن الشكاك اللاأدري يخاف من أن يخدعه الأمل إلى حد أنه يسرع إلى الطرف المقابل فيخدعه الخوف. وهذا في رأي جيمس أمر ممتنع: فإذا كان علينا أن نختار بين المخاطرتين، فإنه يتساءل: على أي أساس يختار المرء المخاطرة التي لا نكسب فيها شيئا، ونخسر كل شيء، بدلا من تلك التي لا نخسر منها شيئا وقد نجني كسبا كبيرا؟ وهذا يعود بنا مرة أخرى إلى رهان بسكال، أو بلغة جيمس المميزة:

إن كان ها هنا خداع وهناك خداع، فما الذي يثبت أن الخداع عن طريق الأمل أسوأ إلى هذا الحد من الخداع عن طريق الخوف؟ إنني واحد من الناس الذين لا يجدون دليلا على ذلك، وأنا أرفض ببساطة أن أساير الشكاك في اختياره في الحالة التي يكون فيها الأمر الذي أراهن من أجله هاما في نظري إلى الحد الذي يجعل لي الحق في اختيار نوع المخاطرة الذي أفضله.

ناپیژندل شوی مخ