Folkways
العادات الشائعة في أية جماعة اجتماعية وهذه قد تتفاوت ما بين وضع أزرار لا فائدة منها في أكمام سترة الرجال، إلى الحظر القانوني لزواج المحارم. هذه العادات مستقلة عن أفكارنا عنها، ولا تسير حسب قواعد معقولة، وهي لا تتفق إلا مع المزاج أو الموقف العام لزمانها ومكانها الخاص
7
ولها ما يمكن أن يعد حياة خاصة بها: ذلك لأن «سمنر» يرى أنها تولد، ويتقدم بها العمر، وتموت ولا يمكن أن تؤثر فيها بوضوح إلا قوى قليلة (منها التعليم).
وعندما يعتقد أفراد مجتمع معين أن هذه العادات تسهم في تقدم المجتمع، فقد يسمونها «سننا
Meres » (وهو اللفظ الذي اشتقت منه كلمة الأخلاق في اللغات الأوروبية)، غير أن هذه السنن ذاتها ليست أخلاقية بمعنى كونها عقلية وموضوعية. ذلك لأنها لا تتولد عن مثل عليا، وإنما عن قوى اجتماعية خارجية. وليس ما تعده تقويمات أخلاقية سوى تعبيرات عن عادات اجتماعية بالغة الأثر، أو تبريرات لها، وهي عادات نألفها إلى حد أنها تبدو لنا أكثر من مجرد عادات، وتصبح لها بسهولة مكانة القوانين الأخلاقية المطلقة، والأوامر الإلهية، وما شابه ذلك. ويسدد «سمنر» ضربة أخيرة إلى ادعاءات المعقولية والموضوعية والشمول من جانب المذاهب الأخلاقية، فيؤكد أن الفلسفة والأخلاق النظرية تستمدان معا من العادات الشعبية. فليس في وسعهما أن تفلتا من الحدود التي يفرضها عليهما أصلهما، أكثر مما يستطيع الإنسان أن يحمل نفسه من أربطة حذائه. بل إن العالم الاجتماعي ذاته ليس أكثر تحررا من هذا القيد، فهو بدوره خاضع لتلك الحدود التي تفرضها العادات الشعبية لعصره وحضارته.
وبالاختصار، فإن المفكر الأخلاقي، حتى عندما يحاول بناء مذهبه على أسس من العلم، فهو لا يعبر إلا عن رغبة عندما يصوغ نظرية إيجابية في القيمة (وهذا الحكم يصبح أكثر انطباقا عليه عندما يتجاهل هذا الأساس العلمي كما يفعل المذهب الحدسي). والأرجح من ذلك بكثير أنه إنما يبرر الأخلاق السائدة أو المعترف بها في عصره. ولما كانت هذه الأخلاق مهما كان من سموها، لا تعدو أن تكون تعبيرا عن السنن الاجتماعية أو العادات الشعبية ذات الوجهة الاجتماعية فإن أرفع المذاهب الأخلاقية الشاملة وأكثرها معقولية إنما هو في أساسه خدعة وقور، من حيث إنه يدعي لنفسه ما لا يمكن على الإطلاق أن يكونه أي مذهب عقلي بحكم طبيعة الوقائع الاجتماعية ذاتها.
وهناك عالم أشهر في أوساط علم الاجتماع الدولية، هو العالم الإيطالي المعاصر «فلفريدو باريتو»، الذي ربما كان كتابه المؤلف من أربعة مجلدات: «الذهن والمجتمع» أقوى المؤلفات تأثيرا من بين كل ما نشر في هذا الميدان في القرن الحالي. وهناك حقيقة تهم الفلاسفة والمناطقة بوجه خاص، هي أن باريتو قد تأثر بقوة بالتجريبية المنطقية - ولعل كتابه أفضل مثال لتفكير عالم اجتماعي يدور في إطار ذلك الموقف الإبستمولوجي الذي عرضناه في الفصل الحادي عشر، فهو يشترط أن تكون جميع النظريات والعبارات قابلة للتحقيق في التجربة. وكثيرا ما يقول عندما يناقش النظريات الأخلاقية الكلاسيكية: «من المستحيل تصور الطريقة التي يمكن بها تحقيق قضية من هذا النوع في التجربة». وهكذا فإن قدرا كبيرا من شكه في الأخلاق والبحث النظري الاجتماعي يتسم بطابع التجريبية المنطقية، لا بطابع علم الاجتماع كما هي الحال عند «سمنر».
ومن الممكن التعبير عن بعض أفكار باريتو الرئيسية تعبيرا مركزا في فقرة أو اثنتين. فهو يرى أن تركيب المجتمع ينطوي على عنصرين رئيسيين، كلاهما لامنطقي ولا عقلي. فهناك أولا البواقي
Residues
ناپیژندل شوی مخ