فلسفه ډولونه او مسایل یې

فؤاد زكریا d. 1431 AH
154

فلسفه ډولونه او مسایل یې

الفلسفة أنواعها ومشكلاتها

ژانرونه

كذلك يرفض الموقف الحدسي بشدة الرأي القائل إن العمليات الاجتماعية، المتميزة عن عملية بيولوجية كالتطور، تتحكم على أي نحو في تحديد القيم. وهو يهاجم بوجه خاص النظريتين الأكثر شيوعا من بين النظريات القائلة بالعملية الاجتماعية، وهما الماركسية والبرجماتية، فالمذهب الماركسي مثلا يرى أن القيم الرئيسية في أي مجتمع هي إلى حد بعيد تعبير عن مصالح الطبقة ذات السيطرة الاجتماعية والاقتصادية على هذا المجتمع. ولذا لم تكن هناك قيم شاملة، ولا سيما في ميدان الأخلاق. ولا يمكن أن يكون هناك إلا «أخلاق بورجوازية» (وهو تعبير أثير لدى الماركسيين)، أو «أخلاق رأسمالية»، أو «قيم جماعية عمالية». وهذا يؤدي إلى جعل القيم نسبية تماما، وتصبح النظرية الحدسية القائلة بقيم كامنة تدركها كل الأذهان ممتنعة تماما. فأقصى ما يمكن أن تكونه الأخلاق هو أن تكون مشتركة بين كل أفراد الطبقة الواحدة فحسب، وهم الذين يشتركون أيضا في نفس المصالح الاقتصادية والسياسية.

القيمة لا تتوقف على الموافقة : ويعارض الموقف الحدسي بنفس القوة نظريات القيمة المتعددة التي تحاول التوحيد بين التقويم وبين الموافقة أو الاستحسان. هذه الآراء المرفوضة تتفق مع موقف اسبينوزا وهوبز في القول بأن تسمية هذه الشيء «خيرا» لا تعني إلا أننا (بوصفنا أفرادا أو مجتمعا) نوافق على هذا الشيء، ونجده «باعثا للذة» أو «مرغوبا» فيه أو «مرضيا» أو ما شاكل ذلك. ويرى الحدسي أن هذه الآراء المبنية على فكرة الموافقة أو الإقرار تكشف عن ماهية «مغالطة المذهب الطبيعي» ذاتها، ما دام من الواضح أنها تجعل ما هو كائن؛ أي ما يرغب فيه، مساويا لما ينبغي أن يكون؛ أي لما يطلب إلينا أي مذهب أخلاقي أن نسعى إليه.

ولعل أعنف نقد يوجهه الحدسي إلى النظريات التي تبني القيمة على الموافقة، هو أن هذه النظريات، آخر الأمر، تجعل القيمة ذاتية وشخصية تماما، وبذلك تسمح بحالة تقترب من الفوضى الأخلاقية؛ ذلك لأن من الواضح أن هذه النظريات تسمح لي بالموافقة على شيء ترفضه أنت. ولكن إذا لم يكن «الخير» يعني إلا الموافقة، فلا بد أنك ستصادف مواقف يوصف فيها الشيء الواحد بأنه «خير» و«شر» - مما يجعل هذين اللفظين خلوا من المعنى في نظر أي مذهب شامل للقيم. ويرى الحدسي أن ما نحتاج إليه هو معيار عام أو شامل للقيمة، ولكن الاختلاف الواضح بين الناس حول ما ينبغي الموافقة عليه يجعل نظريات الموافقة مستحيلة. وحتى لو اشترطنا موافقة المجتمع أو الجماعة فسيظل هناك الاختلافات بين الجماعات الاجتماعية، وبذا لا نقترب من المعيار العام أكثر كثيرا مما كنا عندما اتخذنا من موافقة الفرد مقياسا لنا.

القيمة لا تتوقف على الله أو الحقيقة الشاملة : لا بد أن يكون القارئ قد أدرك الآن أن المذهب الحدسي الأخلاقي يرتبط ارتباطا وثيقا بمذهب كانت في الأخلاق المطلقة، وكذلك بالمذاهب المثالية عامة (وربما بمذهب الألوهية المفارقة)؛ لذا قد يكون مما يدعو إلى الدهشة أن يعلم القارئ أن الحدسي، إلى جانب رفضه أية محاولة لبناء القيم على الطبيعة المادية أو الطبيعة البشرية، يحمل أيضا على الجهود التي تبذل لبناء القيمة على أي نوع من النظام الميتافيزيقي (كما تفعل المثالية) أو حتى وضعها في إطار لاهوتي (كما يفعل رجل الدين). وهو يحمل بوجه خاص على الرأي المميز لمذهب الألوهية، والقائل إن «الخير» أو «الحق» يتحددان بإرادة الله أو مشيئته. وعلى الرغم من أن الحدسي عادة لا يتوسع كثيرا في هذه المسألة، فإن تعاليم معظم أفراد هذه المدرسة تنطوي على القول بأن الله يقر أشياء معينة لأنها خير في ذاتها، مستقلة عن الطبيعة الإلهية. فخيريتها سابقة للألوهية، والله يمجد القيم ويسعى إلى تحقيقها لنفس السبب الذي نفعل نحن من أجله ذلك: أي لأنها كامنة ولا ترد إلى أي شيء أكثر أساسية منها. وليس الله هو الذي يصنع هذه القيم الكامنة، وإنما هو يستجيب لها استجابة الرضا فحسب، مثلما أفعل أنا وأنت، ولا يمكن أن يؤدي أي فعل للإرادة الإلهية إلى تغيير خيريتها.

والأمر كذلك بالنسبة إلى العلاقة بين «الخير» وبين «الواقع

Real » كما يتصور على أساس ميتافيزيقي. فالقيم لا تكون في نظر الحدسي «خيرا» لأنها تندمج في العقل المطلق أو الكلي، وإنما هي مستقلة واقعية في ذاتها. وإذا لم يكن هناك بد من بيان العلاقة بينهما، فلنقل إنها تساعد على تحديد طابع «الواقع الشامل»، لا العكس كما يعتقد معظم الميتافيزيقيين.

كيف تعرف القيم؟

هذا التأكيد المستمر لاستحالة إرجاع القيم الكامنة إلى أي شيء، طبيعيا كان أم فوق الطبيعي، فيما عدا الطابع الفريد لهذه القيم ذاتها، يؤدي بنا إلى هذه المشكلة الإبستمولوجية: كيف يمكن معرفة هذه القيم؟ أو بعبارة أعم، كيف يمكن معرفة أي شيء يكون فريدا تماما في نوعه، بحيث لا تنطبق عليه الألفاظ المنسوبة إلى بقية تجربتنا؟ ولو كانت القيم فريدة بحيث لا تلائمها الألفاظ الوصفية التي تستخدم عادة في تصنيف تجاربنا، فما الذي يمكننا أن نقوله عن هذه القيم، دون أن يكون من قبيل الخزعبلات الصوفية؟ وكيف نستطيع تبادل المعلومات المتعلقة بها، وكيف نربطها ببقية عناصر تجربتنا الشخصية؟ أو نتساءل، من وجهة النظر الإبستمولوجية: أليس أي رأي مثل رأي مور هذا موازيا للتجربة الصوفية لله، وهي التجربة التي لا توصف ولا تعبر عنها الألفاظ؟

الواقع أن المفكرين الذين يتخذون هذا الموقف لا يصفونه بأنه مذهب صوفي، ولكنهم في الوقت ذاته لا يتهربون من الوقائع الإبستمولوجية. فهم يعترفون بأن ما هو فريد لا يمكن أن يعرف إلا بالإدراك الحدسي المباشر . فهذه المعرفة مباشرة بالضرورة، لا مقالية أو لغوية

Discursive . وقد استخدمنا من قبل التشبيه الأثير لدى مور، وهي تجربة إدراك اللون: «فالأصفر» ليس شيئا يمكن وصفه أو معرفة بعملية استدلالية، وإنما هو يعرف مباشرة بالمواجهة، أو لا يعرف على الإطلاق. وهكذا الحال في «الخيرية» فإذا لم نعرفها مباشرة كلما واجهنا مواقف وموضوعات معينة، فلن نعرفها على الإطلاق. وليس في وسع أحد أن يقنعنا أو يجادلنا لكي يجعلنا نعترف بالخيرية؛ إذ إننا لو كنا ندركها فلن نحتاج إلى استدلال، أما لو لم نكن ندركها فلن يكون للاستدلال جدوى.

ناپیژندل شوی مخ