ويقول في موضع آخر: إن صحارا العبدي كان خارجيا، وكان أحد النسابين والخطباء في أيام معاوية بن أبي سفيان، وروى عن النبي
صلى الله عليه وسلم
حديثين أو ثلاثة، وله من الكتب «كتاب الأمثال».
ويقول في موضع ثالث: إنه كان بمدينة الحديثة رجل يقال له: محمد بن الحسين جماعة للكتب، له خزانة لم أر لأحد مثلها كثرة، تحتوي على قطعة من الكتب العربية في النحو واللغة والأدب، والكتب القديمة، فلقيت هذا الرجل دفعات فأنس بي، وكان نفورا ضنينا بما عنده، خائفا من بني حمدان، فأخرج لي قمطرا كبيرا فيه نحو ثلاث مئة رطل من جلود وصكاك وقراطيس، وورق صيني وورق تهامي، وجلود أدم، فيها تعليقات عن العرب، وقصائد مفردات من أشعارهم، وشيء من النحو والحكايات والأخبار والأسماء والأنساب؛ وغير ذلك من علوم العرب وغيرهم، فرأيتها وقلبتها فرأيت عجبا، إلا أن الزمان قد أخلقها وأحرفها، وكان على كل جزء أو ورقة أو مدرج توقيع بخطوط العلماء واحدا إثر واحد، ورأيت في جملتها مصحفا بخط خالد بن أبي الهياج صاحب علي، ورأيت فيها بخط الإمامين الحسن والحسين، ورأيت عنده أمانات وعهودا بخط أمير المؤمنين علي، وبخط غيره من كتاب النبي
صلى الله عليه وسلم ، ومن خطوط العلماء في النحو واللغة؛ مثل أبي عمرو بن العلاء وأبي عمرو الشيباني ... ورأيت ما يدل على أن النحو عن أبي الأسود ما هذه حكايته، وهي أربعة أوراق أحسبها من ورق الصين، ترجمتها: هذه فيها كلام الفاعل والمفعول من أبي الأسود رحمة الله عليه بخط يحيى بن يعمر، وتحت هذا الخط بخط عتيق: هذا خط علان النحوي، وتحته: هذا خط النضر بن شميل، ثم لما مات هذا الرجل فقدنا القمطر وما كان فيه، فما سمعنا له خبرا، ولا رأيت منه غير المصحف، هذا على كثرة بحثي عنه. ا.ه باختصار.
هذا في عصر الصحابة، فلما جاء عصر التابعين ومن بعدهم قويت الحركة العلمية بسبب الفتوح، ودخول الأمم المتحضرة في الإسلام، والحاجة إلى تشريع واسع يتفق وما أحدثت المدينة من أحداث لم تكن، فكثر التدوين، فابن خلكان يحدثنا أن وهب بن منبه المتوفى سنة 110ه وعمره تسعون سنة، ألف في ترجمة الملوك المتوجة من حمير وأخبارهم وقصصهم وقبورهم وأشعارهم.
وابن سعد في الطبقات يذكر لنا أن هشام بن عروة بن الزبير قال: «أحرق أبي يوم الحرة كتب فقه كانت له، قال: فكان يقول بعد ذلك لأن تكون عندي أحب إلي من أن يكون لي مثل أهلي ومالي»
38 .
ويقول في موضع آخر عن عبد الرزاق قال : «سمعت معمرا قال: كنا نرى أنا قد أكثرنا عن الزهري حتى قتل الوليد، فإذا الدفاتر قد حملت على الدواب من خزائنه - يقول - من علم الزهري»
39 .
ناپیژندل شوی مخ