11
نكون إذن قد أسأنا فهم وظيفة هذه اللفائف ومحتوياتها.
وإن ذلك الاتجاه الذي نتجت عنه تلك المجموعة من التعاويذ أو الرقى، وهي التي يطلق عليها اسم «فصول»، نجده ظاهرا أيضا بشكل مميز في كتابين آخرين يكون كل منهما وحدة متماسكة متصلة؛ وأولهما «كتاب الطريقين»، ويرجع عهده - كما تقدم ذكره - إلى عصر الدولة الوسطى، وقد ساهم ذلك الكتاب من قبل مساهمة عظيمة في تأليف كتاب الموتى فيما يختص بالبوابات النارية التي كان يمر بها المتوفى حتى يصل إلى عالم الآخرة، وإلى الطريقين اللذين كان يسير فيهما في سياحته.
وعلى أساس مثل تلك التصورات أنتج خيال الكهنة أيضا «كتاب الموجودين في العالم السفلي أو ما في العالم السفلي». وهذا الكتاب يصف لنا الرحلة السفلية التي تقوم بها الشمس خلال الليل ، حينما تخترق الممرات ذات الكهوف الاثني عشر التي في أسفل الأرض، وكل منها تمثل مسيرة ساعة. وباجتياز الاثني عشر كهفا تنتهي الشمس من آخر مطافها وتبلغ النقطة التي تطلع منها في الشرق صباحا.
وأما الكتاب الثاني فيسمى عادة باسم «كتاب البوابات»، وهو يمثل الوصول إلى كل من الاثني عشر كهفا بالدخول إلى كل كهف من بوابته، وهو خاص باجيتاز تلك البوابات.
12
ومع أن تلك التصانيف لم تنتشر قط الانتشار الذي حظي به «كتاب الموتى» فإنها كانت تعد - مع ذلك - كتب إرشاد سحرية ألفها الكهنة للكسب كما فعلوا في معظم الفصول التي يتألف منها «كتاب الموتى».
والأمر الذي خلص «كتاب الموتى» نفسه من وصمة أنه كتاب سحري وكفى يستعمل في عالم الآخرة، هو بسطه للآراء القديمة الخاصة بالمحاكمة الخلقية في عالم الآخرة وتقديره الظاهر لمسئولية «الضمير».
وقد رأينا فيما تقدم أن علاقة الإنسان بالآلهة كانت قد صارت من قبل حلول العهد الإقطاعي شيئا أكثر من إقامته للشعائر الدينية الظاهرة، فالآن قد أصبحت هذه العلاقة أمرا يتعلق بالقلب والأخلاق.
ولقد كان الشعور الخلقي عند المصري قويا جدا، لدرجة أنه لم يجعل قيمة الحياة الفاضلة موقوفة على قبوله عند «أوزير» في عالم الآخرة فحسب، ومن ذلك يتضح لنا تقصير النظرية الأخلاقية الأوزيرية، التي تأمر الإنسان بالتفكير في العواقب الخلقية في عالم الآخرة فقط. فإن «أوزير» لم يخرج عن كونه إله الموتى كما ذكرنا ذلك كثيرا فيما تقدم، وقد نادى فلاسفة الاجتماع الأقدمون في العهد الإقطاعي بالفضائل التي شرعها «رع» إله الشمس، وطالبوا بالعدالة الاجتماعية في هذا العالم كما طالب بها «رع».
ناپیژندل شوی مخ