146

فجر د ضمیر

فجر الضمير

ژانرونه

وقد تدرجت هذه الفكرة إذ ذاك بعض الشيء في سبيل التطور، فصارت تصنع تماثيل صغيرة للمتوفى يحمل كل منها حقيبة وفأسا، وكان يدون على صدور مثل تلك التماثيل رقية ماكرة هي:

يا أيتها الدمية

9

المتخذة لفلان (هنا يكتب اسم المتوفى)، إذا نوديت أو إذا طلبت للقيام بأي عمل في العالم السفلي ... فإنك تعدين نفسك لي في كل الأزمان لتزرعي الحقول ولتروي الشواطئ ولتنقلي الرمل من الشرق إلى الغرب، ولتقولي إنني ها هنا.

وهذه الرقية كانت ضمن الرقى التي تدون في بردي المتوفى تحت عنوان: «فصل في جعل الدمية تقوم بعمل المرء في العالم السفلي».

10

ثم تفنن القوم في إتقان هذه الحيلة فصار يخصص لكل يوم من أيام السنة دمية من تلك الدمى الصغيرة وتوضع جميعا مع الميت في قبره. وقد عثر على تلك الدمى بمقادير عظيمة في الجبانات المصرية القديمة، حتى إن المتاحف (والمجاميع الخاصة) في كل العالم قد صارت الآن آهلة بها.

ولا غرابة إذن إذا كان كهنة ذلك العصر وكتبته قد انتهزوا تلك الفرصة السانحة لابتزاز أموال الناس حبا في الكسب الذي كان يأتي إليهم بتلك الطريقة السهلة؛ ولذلك ضاعفوا أخطار الآخرة وأهوالها إذ ذاك مضاعفة عظيمة، وادعوا أنه كان في مقدورهم إنقاذ المتوفى لدى كل موقف حرج بالتعويذة الفعالة التي تنجيه من ذلك الخطر حتما؛ فإنه فضلا عن التعاويذ العديدة التي تساعد المتوفى على الوصول إلى عالم الآخرة، كانت توجد أيضا تعاويذ تمنع فقدان المتوفى فمه أو رأسه أو قلبه، وأخرى لتساعده على استذكار اسمه، كما كان منها ما يساعده على التنفس والأكل والشرب، ومنها ما يمنعه أكله لبرازه، ومنها ما يمنع الماء الذي يشربه من أن يتحول إلى لهيب، ومنها ما يحول الظلام نورا، كما كان من التعاويذ ما يحجب عن الميت كل الثعابين والوحوش المؤذية، وغير ذلك كثير من تلك التعاويذ.

وكذلك ازداد الآن موضوع التقمصات التي كان يرغب الميت في أن تتقمصها روحه، وقد وضع فصل صغير لكل حالة يرغبها الميت، ليساعده على أن يتقمص في صورة «صقر من الذهب» أو «صقر إلهي» أو «زنبقة» أو «مالك الحزين (فنكس)» أو «بجعة» أو «الثعبان المسمى ابن الأرض» أو «تمساح» أو «إله»، والأدهى من كل ذلك هو اختراع فصل قوي المفعول يمكن الإنسان باستعماله أن يتخذ لنفسه أي شكل يريده.

فمن مثل ذلك الإنتاج الذي تقدم ذكره يتألف الجزء الأعظم من مجموعة المتون التي نسميها الآن «كتاب الموتى»، فإذا سميناه بعد ذلك «إنجيل المصريين الأقدمين»

ناپیژندل شوی مخ