188

Faith Between the Salaf and the Theologians

الإيمان بين السلف والمتكلمين

خپرندوی

مكتبة العلوم والحكم،المدينة المنورة

شمېره چاپونه

الأولى

د چاپ کال

١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م

د خپرونکي ځای

المملكة العربية السعودية

ژانرونه

وقصة التحكيم التي تذرع بها الخوراج لتكفير صحابة رسول الله ﷺ منكرين على عليّ بذلك تحكيم الرجال في كتاب الله، ولا حكم إلا لله، فإن هذه مغالطة منهم، وكلمة حق أريد بها باطل، فإن الحكم وإن كان لله، فإن تنفيذه لا يكون إلا بالرجال وكيف ينفذ حكم الله بدون تحكيم، وقد حكم الله ﵎ الناس في غير موضع من كتابه، فقال سبحانه في جزاء الصيد: ﴿يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ ١ وقال تعالى: ﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلا جُنَاحَ عَلَيهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا﴾ ٢ وقال: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا﴾ ٣ يعني الزوج الزوجة. وقال سبحانه: ﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ﴾ ٤ وأيضًا: ﴿فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ﴾ ٥ وقال: ﴿وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ ٦. فهذا محكم القرآن قد جعل أحكامًا كثيرة إلى العلماء، وإلى الأمراء من الناس ينظرون فيه مما لم ينزل بيانه من عند الله، فكيف قلتم لا حكم إلا لله؟ فإن أبوا هذا الشرح ظهر جهلهم، وإن قالوا به تركوا قولهم ورجعوا إلى الحق.
ثم إن الاختلاف الذي وقع بين صحابة رسول الله ﷺ، لم يكن عن سوء نية وقصد أبدًا، ولا يجوز لنا أن نشكَّ في إخلاص كلا الفريقين للحق، فالكل مجتهد فمن اجتهد وأخطأ فله أجر على اجتهاده وخطؤه مغفور، ومن اجتهد فأصاب فله أجران. وقد اجتهد معاوية فأخطأ، واجتهد عليَّ فأصاب، والكل ينشد الحق دون ريب. يقول القاضي أبوبكر بن العربي في هذا الشأن: والذي تثلج به صدوركم أن النبي ﷺ ذكر في

١ المائدة: ٩٥.
٢ النساء: ١٢٨.
٣ النساء: ٣٥.
٤ الشورى: ١٠.
٥ النساء: ٥٩.
٦ النساء: ٨٣.

1 / 207