Faith Between the Salaf and the Theologians
الإيمان بين السلف والمتكلمين
خپرندوی
مكتبة العلوم والحكم،المدينة المنورة
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م
د خپرونکي ځای
المملكة العربية السعودية
ژانرونه
من معاصي الله، وطريق النار معصية الله، وإن لم تكن مجردة من بعض طاعات الله، لأننا قد نجد العبد يؤمن بكتاب الله كله، ويكفر ببعضه فلا يكون مؤمنًا، ولا بما آمن به من النار ناجيًا. يصدق ذلك قول الله ﷿: ﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ﴾ ١ فلم يُسموا بما آمنوا مؤمنين، بل سُموا بما كفروا به منه لكله كافرين. وعلى هذه الطريق فيمن لم يكفر من الفاسقين أهل الكبائر العاصين، فمن كان على المعصية الكبيرة مقيمًا فهو على طريق النار، فكيف يرجو البلوغ إلى الجنة وهو يسلك ذلك الطريق، كرجل توجه إلى طريق خراسان فسلكه وهو يقول: أنا أرجو أن أبلغ الشام، فهذا من وضع الرجاء في غير موضعه ٢.
وملخص الدليل العقلي السابق أن الله ﵎ له نِعَم على عباده لا تُحصى ومهما عمل الإنسان لا يستطيع الوفاء بشكرها، إذ أن ذلك يتطلب منه استيفاء كل حق لله عليه. وقد علم الله من عباده عجزهم وضعفهم عن الوفاء بجميع ذلك، لذلك أكتفى منهم بالقليل بعد أن أعطاهم الكثبر، بل وعفا عن صغائر ذنوبهم، وهذه منَّة عظيمة أخرى منه ﵎ فعلى الإنسان إذًا الإتيان بهذا القليل الذي كُلِّف به دون تفريط، وإذا قصَّر فيه بارتكاب الكبائر فعلًا لمحرم، أو تركًا لواجب فهو من أهل النار لا محالة، لأن الله تجاوز له عن الكثير لم يكلفه به، فإذا قصر في ذلك القليل المطلوب منه فهو ممن سلك طريق النار، والطريق إلى الشيئ المعين توصل إليه لا إلى ما يوجد في جهة معاكسة، وطريق النار المعصية وهذه لا يمكن أن يصل عن طريقها إلى الجنة، كما أن طريق الجنة الطاعة، وهذه أيضًا لا يمكن أن توصل بصاحبها إلى النار، وضرب مثلًا بسالك طريق خراسان، وهو يقصد الوصول إلى الشام.
١ البقرة: ٨٥. ٢ القاسم الرسي، كتاب العدل والتوحيد، ضمن مجموعة رسائل العدل والتوحيد، تحقيق محمد عمارة، ج١ ص١٢٣-١٢٤، ط مطابع مؤسسة الهلال، سنة ١٩٧١م.
1 / 142