فهم فهم
فهم الفهم: مدخل إلى الهرمنيوطيقا: نظرية التأويل من أفلاطون إلى جادامر
ژانرونه
Application ، أي ربط معنى النص بمجريات الحاضر، يعد عنصر التطبيق، على سبيل المثال، عنصرا أساسيا داخلا في نسيج التأويل الإنجيلي والقانوني، ذلك أنه في كلتا الحالتين لا يكفي أن نفهم النص ونشرحه بطريقة عامة، وإنما لا بد من أن نفصح بصريح العبارة ماذا يقوله بالنسبة للحالة الراهنة. يتضمن التأويل في هذه الحالة ثلاثة جوانب: الفهم
Understanding ، والتبيان/الشرح/التفسير
Explication ، والاستخدام أو التطبيق
Application ، ليست هذه الجوانب ثلاثة «مناهج» منفصلة، وإنما تشير جميعا إلى قدرة واحدة تتطلب رهافة معينة للروح، وهي تشكل مجتمعة تحقق الفهم واكتماله.
كانت هرمنيوطيقا شلايرماخر والهرمنيوطيقا بعد-الرومانسية تركز على عنصري الفهم بوصفهما وحدة واحدة، ولا تفسح مكانا لعنصر التطبيق، أما جادامر فقد ذهب إلى أنه في عملية الفهم، بوصفه فهما، ثمة دائما شيء أشبه بتطبيق النص المطلوب فهمه على الموقف الحاضر، أن تفهم، بمعنى تعرف وتفسر، يتضمن داخله سلفا أن تطبق، أو أن تربط النص بالزمن الحاضر، ومن فضائل التأويل الثيولوجي والقانوني أنهما يلفتان الانتباه إلى هذا الجانب من جوانب الفهم ويقدمان بذلك نموذجا لفهم عمليات الفهم في التاريخ والأدب أفضل مما يقدمه التراث الفيلولوجي الذي يغفل عامل التطبيق ولا يتفطن لأهميته، هكذا يبدهنا جادامر بفكرة أن التأويل الثيولوجي والقانوني يمكن أن يكون نموذجا يحتذيه التأويل الأدبي!
11
في حالة تطبيق القوانين بصفة خاصة تتجلى هوية التأويل والتطبيق في أوضح صورة: ذلك أن معنى القوانين وروحها لا تتبلور وتبزغ إلا بكدح القضاة في تطبيقها على الحالات الخاصة قاضيا تلو آخر، وحالة تلو أخرى، إنها مثال جيد ل ««درب هيدجر» الذي يتعين بالسير عليه ويتحدد بالأقدام التي ترسمه، إنه يخط، لا من أجل السير، وإنما بفعله».
الهرمنيوطيقا إذن ليست فهما وتأويلا فقط، بل هي أيضا تطبيق، والتطبيق ليس إضافة تصحب الفهم والتأويل أو لا تصحبهما، فالثلاثة يشكلون وحدة لا انفصام لها. الفهم الهرمنيوطيقي هو أمر عملي في جوهره وصميمه، «أن تفهم» شيئا هو أن ترى علاقته بال «براكسس» (أي العمل كمقابل للنظر)
، هذا الاندماج للتطبيق في عملية الفهم والتأويل هو ما جعل جادامر يقيض للهرمنيوطيقا القانونية والثيولوجية صدارة وأولوية على الهرمنيوطيقا الأدبية كنموذج للفهم في العلوم الإنسانية، وهذه المسألة التطبيقية والعملية هي ما دفعه إلى العودة إلى «الأخلاق النيقوماخية» لأرسطو وإحياء فكرة «المعرفة العملية» أو «الفرونيسيس»
وهي في نظر جادامر استباق مبكر للهرمنيوطيقا.
ناپیژندل شوی مخ