وأمّا الأمير شمس الدين سنقر الأشقر فإنّه كان قد أعدّ قلعة صهيون لهروبه، ورأى حدّه نفس مكتوبنا وما كان أسعده لو جرى نحت مكتوبه. ففرّ منهزما، وأخلّ بما كان به لمن تابعه من الشرط ملتزما (^١).
ودخل الأمير علم الدين المشار إليه إلى دمشق فسدّ خللها، وأوضح سبلها، وأعاد حقّ مولانا السلطان منها إلى نصابه، وأعلن باسمه على منابرها وأنه الأولى به.
واستقرّ سنقر الأشقر بصهيون، وصعب عليه بحصرها ما ظنّ أنه يهون.
ذكر ما اتفق للأمير شمس الدين سنقر الأشقر بعد ذلك
ولما خرج مولانا السلطان في السنة المذكورة للجهاد في أعداء الله التتار الذين كان أطمعهم الأمير شمس الدين سنقر الأشقر بخلفه، وحملهم على الحضور بعدم فكرته في عاقبة من / ٤٠ ب / تركه من خلفه. وحلّ بدمشق بالعساكر الإسلامية التي أعدّها، وتجاوزت في الكثرة حدّها، وسلّت سيوفا أمضت النصرة المضمونة من الله حدّها. جرّد أمامه وقد قويت الأخبار أنّ القوم واصلون لا محاله، وتأكّدت بصحّة مكاتبات النصحاء وأنّ ما منهم إقاله. ووصلت مكاتبات نائب الرحبة أنهم حوصروا من القوم بجيش كبير. وأنهم في ضيق (^٢) من القاصد أن يسير معهم عسير. فلم يلبث مولانا السلطان عند سماع هذا الخبر المقلق إلاّ أن خرج للوقت مطلقا لاعنّة خيل الله وحقّ له أن يطلق. وبدأ فجرّد إلى الرحبة طائفة كبيرة من العساكر المنصورة. وأمر فكتبت عنه - خلّد الله ملكه - إلى الأمير شرف الدين عيسى بن مهنّا بالمسير والمصير إلى جهة الرحبة. وكتبنا إلى الملك المسعود خضر ولد الملك الظاهر بإنفاذ من عنده بالكرك من العسكر الظاهري، وإلى عربها بني عقبة في أن يحضروا وإلى / ٤١ أ / الديار المصرية بإرسال من تأخّر بها من العساكر، وإستادارية الأمراء والعرب بأن يحضروا إلى سائر الجهات. ولم يتأخّر
_________
(^١) تاريخ مختصر الدول ٢٨٨، تشريف الأيام والعصور ٦٥ - ٦٩، ذيل مرآة الزمان ٤/ ٣٥، المختصر في أخبار البشر ٤/ ١٣، الدرّة الزكية ٢٣٥ - ٢٣٧، نهاية الأرب ٣١/ ٢٠، ٢١، زبدة الفكرة ٩ / ورقة ٥٤ أ، دول الإسلام ٢/ ١٨٠، العبر ٥/ ٣٢٢، تاريخ ابن الوردي ٢/ ٢٢٧، البداية والنهاية ١٣/ ٢٩٠، عيون التواريخ ٢١/ ٢٤٢، مرآة الجنان ٤/ ١٩٠، تذكرة النبيه ١/ ٥٧، ٥٨، السلوك ج ١ ق ٣/ ٦٧٦، عقد الجمان (٢) ٢٤٢ - ٢٤٦، تاريخ ابن سباط ١/ ٤٧٢، تاريخ ابن الفرات ٧/ ١٧٢.
(^٢) كتب في الأصل: «في ضيق اليسير» ثم شطب على «اليسير».
1 / 65