وقصّر ذيل غاراتك، واكفف عادية من يغرّك بمجاراتك.
ونحن الآن قد خرجنا وفي صحبتنا من آلات الحصار ما لا يثبت معه سهل (ولا) (^١) جبل. ولا تفيد معه نكايات ولا حيل. ومعنا من العساكر ما ملأ الفضاء جيشها الكرّار، وأرعب زائر أسودها وهل مع زأر الأسد إلاّ الفرار؟
فإن وقفت عند حدّك المحدود. ودافعت عن يومك الموعود. وإلاّ فأنت الظالم على نفسك، والمؤآخذ في يومك بأمسك. والسلام».
وجهّز إليه هذا الكتاب، وانتظر منه الجواب، فعاد جوابه وقد صدّر بقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النّاسُ إِنَّ النّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيمانًا وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاِتَّبَعُوا رِضْوانَ اللهِ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ﴾ (^٢)، وضمّنه بعد ذلك أعذارا ملفّقة، وأحوالا غير محقّقة. وسيّر صحبته رسولا فأعيد بجواب أمرّ من الأول، وأنكى عند من يتأوّل، وصدّر بقوله تعالى: ﴿اِرْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْها أَذِلَّةً وَهُمْ صاغِرُونَ﴾ (^٣).
وتقدّمت أوامر مولانا السلطان بمضايقته وصار في أضيق من سمّ الخياط، وجرّد لذلك جندا حرموه بقبض أنفاسه الانبساط. ورحل - خلّد الله سلطانه - قاصدا مقرّ ملكه.
ذكر وفاة الملك السعيد وبما اعتمد (مولانا) (^٤) السلطان فيها من الوفاء
واستمرّ الملك السعيد إلى أن وافاه زائر الحمام، وانقضت أيامه حتى من الأجل ومن ذا الذي دامت له الأيام. فكانت وفاته في سنة ثمانين وستماية بقلعة الكرك (^٥).
_________
(^١) كتبت فوق السطر.
(^٢) سورة آل عمران، الآيتان ١٧٣، ١٧٤.
(^٣) سورة النمل، الآية ٢٧.
(^٤) كتبت فوق السطر.
(^٥) أنظر عن وفاة الملك السعيد في: تالي وفيات الأعيان ٥٢، وذيل مرآة الزمان ٤/ ٣٢، والمختصر في أخبار البشر ٤/ ١٢، ونهاية الأرب ٣١/ ٢٥، ٢٦، والنهج السديد لابن أبي الفضائل ٢٩١، والدرّة الزكية ٢٣٤، وزبدة الفكرة ٩ / ورقة ١٠١ أ، والعبر ٥/ ٣٢١، ودول الإسلام ٢/ ١٨٠، والإشارة إلى وفيات الأعيان ٣٦٩، وتاريخ ابن الوردي ٢/ ٢٢٧، والبداية والنهاية ١٣/ ٢٨٩ و٢٩٠، والوافي -
1 / 58