ثانيا. فجدلوا القوم عن آخرهم صرعى، وكانت النصرة بمولانا السلطان بحقّ أوّليّته عقلا وشرعا.
ثم جدّ الملك الظاهر في السير في خراب من البلاد، وعدم أقوات لا تثبت معها القوّات لعدم الطارف والتلاد. ولم يزل إلى أن دخل قيساريّة الروم، وبلغ منها المروم. وجلس على كرسيّ آل سلجوق، وخطب باسمه على منابرها من غير عائق يعوق، وملكها ملك يمين، وتحكّم فيها تحكّم من لو شاء لقطع ممّن بها الوتين. إلاّ أنه أبقى أهلها على ما هم عليه، / ١٣ ب / وخرج منها وعينهم متطلّعة إليه. وكلّ ذلك برأي مولانا السلطان الذي ما خاب مستشيره، وقوّة جأش جيشه الذي ما خذل به أميره.
وأمّا ابن البرواناه فإنّه لم يف بقوله، ولا ثبت لورود العسكر المصريّ وهوله. ورأى أنّ السلامة في ذهابه، وحسب حسابا فجاء حساب الزمان غير حسابه. فخرج منها قبل ورود العساكر الإسلامية خائفا يترقّب، وصار من المذبذبين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء بما أساء إلى كلّ وأذنب (^١).
[وفاة السلطان الظاهر بيبرس]
وعاد الملك الظاهر إلى دمشق كما بدى (^٢)، وسلك طريقه في استشارة مولانا السلطان التي وجد عليها هدى. فحلّ بدمشق وقد حلّت منيّته، وخابت في البقاء أمنيّته. فمرض أياما قلائل، ودرج بالوفاة إلى رحمة الله تعالى (^٣).
_________
(^١) كان فتح قيسارية الروم في سنة ٦٧٥ هـ. أنظر عنه في: حسن المناقب، ورقة ١٤٣ ب هـ ١٤٤ ب، وتاريخ الملك الظاهر ١٥٧ و١٧٥ - ١٧٧، والروض الزاهر ٤٥٣ - ٤٧١، وتاريخ مختصر الدول ٢٨٧، ٢٨٨، وتاريخ الزمان ٣٣٥، ٣٣٦، والمختصر في أخبار البشر ٤/ ٩، ونهاية الأرب ٣٠/ ٣٥٤ - ٣٥٧، وذيل مرآة الزمان ٣/ ١٧٠، والدرّة الزكية ١٩٣، ١٩٤، وزبدة الفكرة، ج ٩ / ورقة ١٨٤ أ، ب، والمختار من تاريخ ابن الجزري ٢٨٥، ودول الإسلام ٢/ ١٧٦، والعبر ٥/ ٣٠٥، ومرآة الجنان ٤/ ١٧٤، والبداية والنهاية ١٣/ ٢٧١، ٢٧٢، وعيون التواريخ ٢١/ ٩٣، ٩٤، ١٠١، وتالي وفيات الأعيان ٥١، والجوهر الثمين ٢/ ٨٠، وتاريخ ابن خلدون ٥/ ٣٩٢، والسلوك ج ١ ق ٢/ ٦٢٠ - ٦٣١، وعقد الجمان (٢) ١٥٩ - ١٦٢، والنجوم الزاهرة ٧/ ١٧٠ - ١٧٣، وتاريخ ابن سباط ١/ ٤٤١، ٤٤٢، وبدائع الزهور ج ١ ق ١/ ٣٣٨، وتاريخ الأزمنة ٢٥٣.
(^٢) هكذا في الأصل. والصواب: «بدا».
(^٣) توفي السلطان الظاهر يوم الخميس ٢٩ من محرّم سنة ٦٧٦ - . أنظر عنه في: حسن المناقب، ورقة ١٤٤ ب، وتاريخ الملك الظاهر ٢٢٢ وما بعدها، والروض الزاهر ٤٧٢ وما بعدها، والمقتفي -
1 / 36