لنفسه بالنوم والربوض على الأرض وهو لا يرى بساطا ولا وسادة إلا علاها وجلس عليها وأيضا فهو لا يجد إلى كل موضع جليلٍ نظيفٍ سبيلا فيقصر عنه وتراه متخيّرا أبدًا أرفع المواضع في المجلس وما يصونه صاحبه.
قلت: والكلب يعرف صاحبه والسنور ويعرفان اسماهما ومواضع منازلِهما ويألفانِ موطنَهما وإذا طُردا رجعا وإذا أُجيعا صبرا وإذا أهينا احتملا وللكلب أيضا من الفضائل إتيانه وجهَ صاحبِه ونظره إليه في عينيه وفي وجهه وحبه له ودنوِّه منه حتى ربما لاعبه ولاعب صبيانه بالعض الذي لا يُؤلم ولا يؤثِّر وله تلك الأنياب التي لو أنشبها في الشجر لأثَّرت.
قال بعض الشعراء خفيف:
أيها الشانئ الكلابَ أصِخْ لي ... منك سمعًا ولا تكوننَّ حبسا
إنّ في الكلبِ فاعلمنَّ خِصالًا ... من شريف الفعال يعددن خمسا
حِفظُ من كانَ مُحسنًا ووفاءٌ ... للذي يتَّخِذهُ حربًا وحرسا
واتباعٌ لرحله وإذا ما ... صار نطقُ الشجاع للخوفِ همسا
1 / 44