... تدفع فارس عن ... الله عليه لو كان الإيمان منوطا بالثريا لتناوله رجال من فارس قلنا له في هذا الحديث دليل على رغبة الموقوفين له بالدين ومسارعتهم إليه وتمسكهم بسنن النبي صلى الله عليه وسلم فيه وإنما هو كقولك لو كنت بأقاصي البلاد لزرتك تريد لتجشمت الوصول إليك ... ولا خلاف بقول الله عز وجل ولا تبديل. فإذا نحن تطلبنا مصادق هذا القول في أهل فارس لم نجده أولا ولا آخرا لأن أول أمرهم في الإسلام على ما قدمت من شدة العداوة للمسلمين ومحاربتهم حتى قهروا وهزموا ... ومزقوا فلا ... من كانت هذه حاله. ولم نجد لهم بعد ذلك رجالا برعوا في العلم وعرفوا بالحفظ للأثر والتفقه في الدين والاجتهاد في العبادة إلا أن نجد من ذلك الشيء اليسير والنبذ ... في أهل خراسان ... الإسلام رغبة وطوعا ... أول أمرهم ثم هم أحسن الناس بقية وأشدهم بالدين تمسكا فمنهم المحدثون النبل المشهورون ومنهم العلماء بالفقه المتقدمون والعباد المجتهدون ورغبات الناس في الخير والعلم والأدب تنقص ورغباتهم تزيد وحرص الناس على مر الأيام يخلق وحرصهم مجدد ومن ... ذلك طلبة الحديث وجده ... لأنك تجد أهل خراسان في كل بلد فيه محدث أو ... وأكثر وباقيهم من جميع الأمصار.
[1.13.3]
فإن قال قائل فإن رسول الله صلى الله عليه جعله في أهل فارس فكيف جعلته في أهل خراسان؟ قلنا إن فارس وخراسان كانتا عند العرب شيئا واحدا لأنهما يتحاذيان ويتصلان ولأن لسان أهل فارس ولسان أهل خراسان الفارسية فهم يسمون الفريقين الفرس وكذلك المتكلمون بالعربية عند من لا يفصح من ... أهل اليمن وأهل الحجاز ... وكانوا يقضون على ما ... بأنه منها. يدلك على ذلك ... أبي بكر رحمه الله في خطبة له ذكر فيها الموت ثم قال أي بلادكم خرسة فإن الله سيفتح عليكم أقصاها كما فتح أدناها أفما تراه يسأل عنها ثم يعبر باللفظ باسمها لقلة ما يجري ذكرها ولأنهم كانوا إذا ذكروا المشرق كله قالوا فارس؟ ومن الدليل أيضا حديث حدثنيه أحمد بن عمر بن جيلان قال الدنيا كلها أربعة وعشرون ألف فرسخ فملك السودان منها اثنا عشر ألف فرسخ وملك الروم ثمانية آلاف فرسخ وملك فارس ثلاثة آلاف فرسخ وأرض العرب ألف فرسخ فذكر فارس ولم يذكر خراسان وهي أوسع منها لأنه يجعل المشرق كله من فارس وكذلك ذكر الروم ولم يذكر ما حاذاها من بلاد الأعاجم لأنه جعل ذلك كله للروم ... أن رجلا قال ... بتنا عليك هذه ... المسلم.
[1.13.4]
سمعت النبي صلى الله عليه يقول ... كم على الدين عودا كما ضربتموه عليه أولا واذا طلبنا نحن مصداق ذلك في العجم وجدناه في أهل خراسان لأنهم هم الذين ضاربوا بالسيوف العرب وأهل الشام غضبا لدين الله وإنكارا لسيرة بني أمية حتى ابتزوهم السلطان ونقلوا الملك من الشام إلى العراق. وروى يزيد بن أبي زياد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه قال إن أهل بيتي يلقون بعدي بلاء وتطريدا حتى يجيء قوم من أهل المشرق معهم رايات سود يسألون الحق فلا يعطونه فيقاتلون فينصرون فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي فيملؤها قسطا كما ملأوها جورا فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حبوا على الثلج. وقرأت في الإنجيل ... قوم من المشرق ... في ملكوت السماء و ... بحيث يكون البكاء وصرير ... الأسنان ...
[1.13.5]
ومما يزيد ما قلنا في فارس وضوحا أن النبي صلى الله عليه كان بعث حنيس بن عبد الله بن حذافة السهمي إلى كسرى وكتب كتابا بدأ فيه بنفسه فلما قرأه كسرى غضب ومزقه وبعث إليه بتراب فقال النبي صلى الله عليه مزق كتابي أما إنه سيمزق ملكه وبعث إلي بتراب أما إنكم ستملكون أرضه. فكيف تكون البقية الحسنة لمن أعلمنا رسول الله صلى الله عليه أنهم سيمزقون لا جرم لقد خملوا ودرسوا.
[1.13.6]
ففارس إلى يومنا أبخع الناس بطاعة السلطان وأصبرهم على الظلم وأثقلهم خراجا وأذلهم نفوسا. وأخبرني جماعة من مشايخهم أنهم لم يعرفوا عدلا قط وأن سيرة عمر بن عبد العزيز شملت البلاد كلها غير بلدهم فإن عامله المتوجه إليهم هلك في مسيره ... السواد إنهم من أبناء ... أنهم نوافل من خراسان ... أسبغ عليهم بالعرب النعمة وظاهر لهم الكرامة ... لهم العز وأبدلهم بحالهم حالا لا ينكرها منهم إلا غبي منقوص أو حاسد كفور لأن السواد فتحه العرب عنوة والإمام مخير في العنوة بين القتل والرق والفدية والمن فاختاروا خير الأمور وحقنوا دماءهم ومنوا عليهم وأقروا الأموال في أيديهم ثم جاوروا السلطان من بني العباس وأولياءه من أهل خراسان فاستخلصهم لأموره وجعلهم موضع سره واتخذ منهم الكتاب والوزراء والأصحاب فصاروا به أسعد ممن بذل في التمهيد له المهجة والمال. وهؤلاء الذين ذكرناهم المشهورون من الناس فأما من غبي أمره ودخل في جملة الناس فلا حاجة بنا أن ننص عليه ولا نذكر أوله وآخره فنجعله خصما وهو سلم ونفتح له بابا إلى مثل ما عليه أولئك الطاعنون على العرب وقد قال الأول
كفاني نقصا ... ~
ناپیژندل شوی مخ