يريد أنه يقسم قوته على أضيافه فكأنه قسم جسمه لأن اللحم الذي ينبت ذلك الطعام يصير لغيره ويحسو قراح الماء في الشتاء ووقت الجدب والضيق لأنه يؤثر باللبن فتوقف على هذا الشعر وعلى ما فيه من شريف المعاني. وقال آخر [طويل]
إذا ما عملت الزاد فالتمسن له
أكيلا فإني غير آكله وحدي
بعيدا قصيا أو قريبا فإنني
أخاف مذمات الأحاديث من بعدي
فكيف يسيغ المرء زادا وجاره
خفيف المعى بادي الخصاصة والجهد
[1.9.2]
ولعل الطاعن أن يقول في هذا الموضوع فأين هو من ذكر مزرد وحميد الأرقط وهجائهما للأضياف وأين هو من مطاعمهما الخبيثة من الحيات والضباب واليرابيع والعلهز وشربهم الفظ والمجدوح وأكل مياسرهم لحوم الإبل حنيذا غير نضيج ونيا والعروق والعلابي وسقط المائدة لا يعافون شيئا ولا يتقذرون أكل السباع ونهش الكلاب ويفخر عليهم بأطعمة العجم وحلوائها وآدابها على الطعام وأكلها بالبارجين والسكين.
[1.9.3]
فأما هذان الشاعران اللذان يهجوان الأضياف ويصفانهم بكثرة الأكل وجودة اللقم فإن أحدهما كان فقيرا ضعيف الحال فإذا نزل به الضيف لم يجد بدا من إيثاره بقليل ما عنده أو مشاركته فيه فيبيت طاويا ويصبح جائعا ويجيش صدره بما حل به والشاعر بمنزلة المصدور لا بد له من أن ينفث فيستريح إلى ذكر لقم الضيف ووصف أكله وحديثه. قال هو أو غيره يذكر الضيف [طويل]
تجهز كفاه ويحدر حلقه
إلى الزور ما ضمت إليه الأنامل
يقول وقد ألقى المراسي للقرى
أبن لي ما الحجاج بالناس فاعل
ناپیژندل شوی مخ