بالخلافة ، وبقي معه أخوه حسن مدة ، إلى أن حدث له رأي في التنسك ، فلبس الصوف وتبرأ عن الدنيا ، وخرج إلى الحج مع أخته فاطمة بنت القاسم زوجة يحيى بن علي المعتلي . فلما مات إدريس ، كما ذكرنا ، رام ابن بقنة ضبط الأمر لولده يحيى ابن إدريس المعروف بحيون ، ثم لم يجسر على ذلك الجسر التام ، وتخير وتردد ، ولما وصل خبر قتل إسماعيل بن عباد وموت إدريس بن علي إلى " نجا " الصقلبي بسبتة ، استخلف عليها من وثق به من الصقالبة ، وركب البحر هو وحسن بن يحيى إلى مالقة ليرتب الأمر له ، فلما وصلا إلى مرسى مالقة خارت قوى ابن بقنة ، وهرب إلى حصن قمارش على ثمانية عشر ميلا من مالقة . ودخل حسن و" نجا " مالقة ، واجتمع إليهما من بها من البربر ، فبايعوا حسن بن يحيى بالخلافة ، وتسمى المستنصر ، ثم خاطب ابن بقنة وأمنه ؛ فلما رجع إليه قبض عليه وقتله ، وقتل ابن عمه يحيى ابن إدريس ، ورجع " نجا " إلى سبتة وطنجة ، وترك مع حسن رجلا كان من التجار يعرف بالسطيفي كان " نجا " شديد الثقة به ، فبقي الأمر كذلك نحوا من عامين ، وكان حسن بن يحيى متزوجا بابنة عمه إدريس ، فقيل إنها سمته أسفا على أخيها ، فلما مات احتاط السطيفي على الأمر ، واعتقل إدريس ابن يحيى ، وكتب إلى " نجا " بالخبر ، وكان لحسن ابن صغير عند " نجا " ، فقيل إنه اغتاله أيضا وقتله ، والله أعلم . ولم يعقب حسن بن يحيى ، واستخلف " نجا " على سبتة وطنجة من وثق به من الصقالبة عند وصول الخبر إليه ، وركب البحر إلى مالقة ، فلما وصل إليها زاد في الاحتياط على إدريس بن يحيى ، وأكد اعتقاله ، وعزم على محو أمر الحسنيين ، وأن يضبط تلك البلاد لنفسه ، فدعا البربر الذين كانوا جند البلد ، وكشف الأمر إليهم علانية ، ووعدهم بالإحسان ، فلم يجدوا من مساعدته بدا في الظاهر ، وعظم ذلك في أنفسهم باطنا ، ثم جمع عسكره ونهض إلى الجزيرة ليستأصل محمد بن القاسم ، فحاربهما أياما ، ثم أحس بفتور نية من معه ، فرأى أن يرجع إلى مالقة ، فإذا رجع إليها ، [ و] حصل فيها نفى من خاف غائلته منهم واستصلح سائرهم ، واستدعى الصقالبة من حيث ما أمكنه ليقوى بهم على غيرهم وأحس البربر بهذا منه فاغتالوه في الطريق قبل أن يصل إلى مالقة ، فقتل وهو على دابته في مضيق صار فيه ، وقد تقدمه إليه الذي أراد الفتك به ( 1 ) ، وفر من كان معه من الصقالبة بأنفسهم ، ثم تقدم فارسان """""" صفحة رقم 207 """"""
مخ ۲۰۷