أحدهما سبتة وطنجة ، وهو علي الأصغر منهما ؛ وولي القاسم الجزيرة الخضراء ، وبين الموضعين المجاز المعروف بالزقاق ، وسعة البحر هناك اثنا عشر ميلا . وافترق العبيد ، إذ دخل البربر مع سليمان قرطبة ، فملكوا مدنا عظيمة ، وتحصنوا فيها ، فراسلهم علي بن حمود المذكور ، وقد حدث له طمع في ولاية الأندلس ، وكتب إليهم يذكر لهم أن هشام بن الحكم إذ كان محاصرا بقرطبة كتب إليه يوليه عهده ، فاستجابوا له وبايعوه ، فزحف من سبتة إلى مالقة ، وفيها عامر بن فتوح الفائقي مولى فائق ، مولى الحكم المستنصر ، فأطاع له وأدخله مالقة ، فتملكها علي بن حمود ، وأخرج عنها عامر بن فتوح ، ثم زحف بمن معه من البربر وجمهور العبيد إلى قرطبة ، فخرج إليه محمد بن سليمان في عساكر البربر ، فانهزم محمد بن سليمان ، ودخل علي بن حمود قرطبة وقتل سليمان بن الحكم صبرا ، ضرب عنقه بيده يوم الأحد لتسع بقين من المحرم سنة سبع واربعمائة ، وقتل أباه الحكم بن سليمان بن الناصر أيضا في ذلك اليوم ، وهو شيخ كبير له اثنتان وسبعون سنة ، فكانت مدة سليمان مذ دخل قرطبة إلى أن قتل ثلاثة أعوام وثلاثة أشهر وأياما ، وقد كان ملكها قبل ذلك ستة أشهر وأياما ، وانقطعت دولة بني أمية في هذا الوقت وذكرهم على المنابر في جميع أقطار الأندلس ، إلى أن عاد بعد ذلك في الوقت الذي نذكره إن شاء الله . وكانت أمه أم ولد اسمها ظبية ، ومولده سنة أربع وخمسين وثلاثمائة ، وترك من الولد ولي عهده محمدا لم يعقب ، والوليد ومسلمة . وكان سليمان أديبا شاعرا ، أنشدني أبو محمد علي بن أحمد قال : أنشدني فتى من ولد إسماعيل بن إسحاق المنادي الشاعر ( 1 ) كان يكتب لأبي جعفر أحمد بن سعيد بن الدب قال ، أنشدني أبو جعفر قال ، أنشدني أمير المؤمنين سليمان الظافر لنفسه ، قال أبو محمد : وأنشدنيها قاسم بن محمد المرواني ( 2 ) قال : أنشدنيها وليد بن محمد الكاتب لسليمان الظافر ( 3 ) : [ من الكامل ] """""" صفحة رقم 199 """"""
عجبا يهاب الليث حد سناني . . . وأهاب لحظ فواتر الأجفان وأقارع الأهوال لا متهيبا . . . منها سوى الإعراض والهجران وتملكت نفسي ثلاث كالدمى . . . زهر الوجوه نواعم الأبدان ككواكب الظلماء لحن لناظر . . . من فوق أغصان على كثبان هذي الهلال وتلك بنت المشتري . . . حسنا وهذي أخت غصن البان حاكمت فيهن السلو إلى الصبا . . . فقضي بسلطان على سلطاني فأبحن من قلبي الحمى وثنينني . . . في عز ملكي كالأسير العاني لا تعذلوا ملكا تذلل للهوى . . . ذل الهوى عز وملك ثاني ما ضر أني عبدهن صبابة . . . وبنو الزمان وهن من عبداني إن لم أطع فيهن سلطان الهوى . . . كلفا بهن فلست من مروان وإذا الكريم أحب أمن إلفه . . . خطب القلى وحوادث السلوان وإذا تجارى في الهوى أهل الهوى . . . عاش الهوى في عبطة وأمان وهذه الأبيات معارضة للأبيات التي تنسب إلى هارون الرشيد ، وأنشدنيها له ( 1 ) أبو محمد عبد الله بن عثمان بن مروان العمري وهي ( 2 ) : [ من الكامل ] ملك الثلاث الآنسات عناني . . . وحللن من قلبي بكل مكان مالي تطاوعني البرية كلها . . . وأطيعهن وهن في عصيان ما ذاك إلا أن سلطان الهوى . . . وبه قوين أعز من سلطاني
ولاية علي بن حمود الناصر
تسمى بالخلافة وتلقب بالناصر ، ثم خالف عليه العبيد الذين كانوا بايعوه وقدموا عبد الرحمن بن محمد بن عبد الملك بن عبد الرحمن الناصر ، وسموه المرتضى ، وزحفوا إلى أغرناطة التي تغلب عليها البربر ، ثم ندموا على إقامته لما رأوا من صرامته ، وخافوا عواقب تمكنه وقدرته ، فانهزموا عنه ودسوا عليه من قتله غيلة ، وخفي أمره ، وبقي علي بن حمود بقرطبة مستمر الأمر عامين غير شهرين ، إلى أن قتله صقالبة له في الحمام سنة ثمان وأربعمائة . وكان له من الولد يحيى وإدريس .
مخ ۱۹۹