طالب ﵁ فقلت له: يا أمير المؤمنين إني مررت آنفا بنفر من أصحابك وهم يذكرون أبا بكر وعمر بغير الذي هما له من الأمر أهل، ولولا أنهم يرون أنك تضمر لهما بمثل ما أعلنوا ما اجتروا على ذلك، فقال علي: أعوذ بالله أن أُضمِر لهما إلا الحسن الجميل، لعن الله من أضمر لهما إلا الحسن الجميل، أخوا رسول الله ﷺ وصاحباه ووزيراه - رحمة الله عليهما - ثم نهض دامعا عيناه يبكي قابضا على يديّ حتى دخل المسجد، وصعد المنبر فجلس عليه متمكنا قابضا على لحيته ينظر فيها - وهي بيضاء - حتى اجتمع له الناس، ثم قام فتشهد بخطبة بليغة موجزة، ثم قال: ما بال أقوام يذكرون سيدي قريش، وأبوي المسلمين بما أنا عنه متنزه وعما يقولون بريء وعلى ما يقولون معاقب، أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، إنه لا يحبهما إلا مؤمن تقي، ولا يبغضهما إلا فاجر رديء؛ صحبا رسول الله ﷺ على الوفاء والصدق، يأمران وينهيان ويقضيان ويعاقبان، ولا يجاوزان رأي رسول الله ﷺ ولا كان رسول الله ﷺ يرى مثل رأيهما رأيا، ولا يحب كحبهما أحدا، مضى رسول الله ﷺ وهو عنهما راض، ومضيا والمؤمنون عنهما راضون، أمر رسول الله ﷺ أبا بكر على صلاة المؤمنين فصلى بهم تسعة أيام في حياة رسول الله ﷺ، فلما قبض الله نبيه ﷺ واختار له ما عنده، ولاّه المؤمنون ذلك، ثم أعطوه البيعة طائعين غير كارهين، أنا أول من سن ذلك من بني عبد المطلب، وهو لذلك كاره، يود لو أن أحدنا كفاه ذلك، كان والله خير من بقي وأرحمه رحمة وأرأفه رأفة وأبينه ورعا وأقدمه سنا وإسلاما، شبهه رسول الله ﷺ بميكائل رحمة، وبإبراهيم عفوا ووقار، فسار بنا سيرة رسول الله ﷺ حتى مضى على ذلك - رحمة الله عليه -، ثم ولي الأمر بعده عمر بن الخطاب ﵁ واستأمر المسلمين في ذلك، فمنهم
13 / 1243