107

بهذا الشاب وعليك به خيرا فرجع عمر وكان في الوفد امرأة من الأنصار ما زالت تلاحظ المقدسي وتنزل بقربه حيث نزل فلما كان في بعض الأيام دنت منه وقالت يا شاب إني أرق لهذا الجسم الناعم المترف كيف يلبس الصوف فقال لها هذا جسم يأكله الدود ومصيره التراب هذا له كثير فقالت إني أغار على هذا الوجه المضيء كيف تشعثه الشمس فقال لها يا هذه اتقي الله وكفي فقد أشغلني كلامك عن عبادة ربي فقالت له لي إليك حاجة فإن قضيتها فلا كلام وإن لم تقضها لي فما أنا بتاركتك حتى تقضيها لي فقال لها ما حاجتك قالت حاجتي أن تواقعني فزجرها وخوفها من الله تعالى فلم يردها ذلك وقالت والله لئن لم تفعل ما أمرتك به لأرمينك بداهية من دواهي النساء ومكرهن لا تنجو منها فلم يلتفت ولم يعبأ بكلامها فلما كان في بعض الليالي وقد سهر أكثر ليلته من عبادة ربه ثم رقد في آخر الليل وغلب عليه النوم فأتته وتحت رأسه مزادة فيها زاده فانتزعتها من تحت رأسه وطرحت فيها كيسا فيه خمسمائة دينار ثم عادت بها إلى تحت رأسه فلما ثور الوفد قامت الملعونة وقالت يا لله ويا للوفد يا وفد الله امرأة مسكينة وقد سرقت نفقتها وما لي إلا الله وأنتم فحبس المتقدم الوفد وأمر رجالا من الأنصار والمهاجرين أن يفتشوا رجال الأنصار والمهاجرين ففتشوا الفريقين فلم يجدوا شيئا ولم يبق من الوفد أحد إلا وفتش رحله ولم يبق إلا المقدسي فأخبروا متقدم الوفد بذلك فقالت المرأة يا مقدم ما ضركم لو فتشتموه فله أسوة بالمهاجرين والأنصار وما يدريكم أن يكون ظاهره مليحا وباطنه قبيحا ولم تزل الامرأة حتى حملتهم على تفتيش رحله فقصده جماعة من الوفد وهو قائم يصلي فلما رآهم أقبل عليهم وقال لهم ما بالكم وما خبركم قالوا هذه الامرأة الأنصارية ذكرت أنها قد سرق لها نفقة كانت معها وقد فتشنا رجال الوفد بأسرها ونحن لا نتقدم إلى رحلك إلا بإذنك لما سبق من وصية عمر بن الخطاب فيما يعود إليك فقال يا قوم ما يضرني ذلك فتشوا ما أحببتم وهو واثق من نفسه فأول ما نفضوا المزادة

مخ ۱۰۸