265

فضايلي ثقلين

فضائل الثقلين من كتاب توضيح الدلائل على ترجيح الفضائل‏

ژانرونه

وأما وقعة صفين، فقال القرطبي: إن معاوية لما بلغه مسير أمير المؤمنين علي (عليه السلام) إليه من العراق، خرج من دمشق حتى ورد صفين في النصف من المحرم، فسبق إلى سهولة المنزل وسعة المناخ وقرب الماء من الفرات، وبنى قصرا لبيت ماله، وكان أهل الشام قد سبقوا إلى المشرعة من سائر الجهات، ولم يكن ثم مشرعة سواها للواردين والواردات، فمنعت عليا رضى الله عنه إياها، وحمتها عنه (1) تلك الكماة (2)، فذكرهم بالمواعظ الحسنة والآيات، وحذرهم بقول النبي (صلى الله عليه وآله) في من منع فضل ماء بالفلاة، فردوا قوله وأجابوه بألسنة الطغاة، إلى أن قاتلهم بالقواضب والسمهريات (3).

فلما غلبهم عليها أباحها للشاربين والشاربات، ثم بنى مسجدا على تل بأعلى الفرات، ليقيم مدة مقامه فرائض الصلوات؛ لفضل صلاة الجماعة على صلاة الفرد بسبع وعشرين من الدرجات، على ما ثبت في الصحيح من رواية ابن عمر وغيره من الصحابة العدول الثقات. وحضرها مع علي جماعة من البدريين، وممن بايع تحت الشجرة من الصحابة المرضيين.

وكان مع علي (عليه السلام) رايات كانت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) في قتال المشركين، وكان مقام علي (عليه السلام) ومعاوية بصفين سبعة أشهر، وقيل: تسعة، وقيل: ثلاثة أشهر، وكان بينهم قبل القتال نحو من سبعين زحفا، وقتل في ثلاثة أيام من أيام البيض- وهي ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة- ثلاثة وسبعون ألفا من الفريقين، وذكره الثقة العدل أبو إسحاق ابراهيم بن الحسين الكسائي الهمداني، وهي ليلة الهرير، جعل يهر بعضهم إلى بعض، والهرير: صوت يشبه النباح، لأنهم تراموا بالنبل حتى فنيت، وتطاعنوا بالرماح حتى اندقت، وتضاربوا بالسيوف حتى انقضت، ثم نزل القوم يمشي بعضهم إلى بعض، قد كسروا جفون سيوفهم، واضطربوا بما بقي من السيوف وعمد الحديد، فلا تسمع إلا غمغمة القوم، والحديد في إلهام، فلما صارت السيوف كالمناجل تراموا بالحجارة، ثم

مخ ۲۸۷