عبد العزيز- رضي الله عنه- الخلافة ورأى مسجد دمشق قال: إني أرى أموالا أنفقت في هذا المسجد في غير حقها وأنا أستدرك ما استدركت منها فأرده إلى بيت مال المسلمين، أنزع هذه السلاسل وأجعل مكانها حبلا، وأقلع هذه الفسيفساء وأجعل مكانها الطين، وأقلع هذا الرخام وأجعل مكانه جصا، قال: فبلغ ذلك أهل دمشق فخرجوا إليه وهو بدير سمعان بأرض حمص فدخلوا عليه وقالوا يا أمير المؤمنين: بلغنا أنك تصنع كذا وكذا، قال: نعم.
فقال له خالد بن عبد الله القبسوي: ليس ذلك لك يا أمير المؤمنين قال ولم يا ابن الكافر وكانت أمه نصرانية رومية. فقال: يا أمير المؤمنين إن كانت نصرانية فقد ولدت رجلا مؤمنا قال: صدقت واستحيا عمر منه، وقال: لم تقل ما ذلك لي. قال لأنا كنا معاشر الإسلام نغزو بلاد الروم فنجعل على أحدنا مدا من فسيفساء فيجيء به ذراع في ذراع من رخام أو أقل أو أكثر على قدر صاحبه فيكتري عليه أهل حمص إلى حمص وأهل دمشق إلى دمشق وأهل فلسطين إلى فلسطين وأهل الأردن إلى الأردن وليس هو لبيت المال فأطرق عمر- رضي الله عنه- واتفق قدوم جماعة من الروم رسلا من عند ملكهم فلما دخلوا من باب البريد وانتهوا إلى باب الكبير الذي تحت قبة النسر ورأوا ذلك البناء العظيم والزخرفة التي لم يسمع بمثلها على وجه الأرض صعق كبيرهم مغشيا عليه فحملوه إلى منزله فبقي أياما [مذففا] (1) فلما تماثل سألوه عما عرض له فقال: ما كنت أظن أن يبني المسلمون هذا البناء وكنت أعتقد أن مدتهم أقصر من هذا، فلما بلغ عمر بن عبد العزيز قال: أو إن هذا يغيظ الكفار دعوه على حاله.
قال: وسألت النصارى في أيام عمر بن عبد العزيز أن يعقد لهم مجلسا فيما كان أخذه الوليد بن عبد الملك منهم فأدخله في المسجد، فحقق عمر
مخ ۳۳۸