لما كانت الفتنة الأولى أشكلت علي، فدعوت الله أن يريني طريقا من الحق أتمسك به. قال: فأريت الدنيا والآخرة[5] وبينهما حائط ليس جد طويل، وإذا حير، فقلت: لو تشبثت من هذا الحائط لعلي أهبط إلى قتلى أشجع فيخبروني، فهبطت إلى أرض ذات شجر، فإذا أنا بنفر جلوس، فقلت: أنتم الشهداء؟ قالوا: نحن الملائكة فقلت: فأين الشهداء؟ قالوا: تقدم أمامك إلى الدرجات العلى؛ فتقدمت أمامي فإذا أنا بروضة الله، عز وجل، أعلم ما بها من الحسن، فدنوت، فإذا أنا بمحمد، -وإبراهيم صلى الله عليهما وسلم وإذا محمد يقول لإبراهيم صلى الله عليهما: "استغفر لأمتي"، فقال إبراهيم: إنك ما تدري ما أحدثوا بعدك، إنهم أراقوا دماءهم، وقتلوا إمامهم؛ ألا فعلوا كما فعل خليلي سعد. قال: قلت: قد رأيت، لألقين سعدا، ولأنظرن في أي الفريقين هو فأكون معه. قال: فغدوت إلى سعد، فلقيته، فقصصت عليه. فو الله ما أكبره فرحا، وقال: خاب من لم يكن له إبراهيم خليلا، فقلت: مع أي الفريقين أنت؟ فقال: ما أنا مع واحد منهما. قلت: فما تأمرني؟ قال: لك غنم؟ قلت: لا، قال: فاشتر غنما فكن فيها حتى تنجلي هذه الفتنة.
أخبرنا(16) الشيخ أبو بكر محمد بن عبد الباقي، أنا الحسن بن علي الجوهري، أنا محمد بن العباس الخزاز، أنا أحمد بن معروف الخشاب، أنا الحسين بن الفهم، نا محمد بن سعد، أنا إسماعيل بن إبراهيم الأسدي، عن أيوب، عن محمد، قال:
[8]
نبئت أن سعدا كان يقول: ما أزعم أني بقميصي هذا أحق مني بالخلافة، قد جاهدت إذ أنا أعرف الجهاد، ولا أبخع نفسي ان كان رجلا(17) خيرا مني، لا أقاتل حتى تأتوني بسيف له عينان، ولسان، وشفتان، فيقول: هذا مؤمن، وهذا كافر.
وأخبرنا(18) الشيخ أبو بكر قال: قرئ على إبراهيم بن عمر البرمكي وأنا حاضر، أنا عبد الله من إبراهيم بن أيوب بن ماسي، نا أبو مسلم الكجي، نا محمد بن عبد الله الأنصاري، نا ابن عون، قال: أنبأني محمد بن محمد بن الأسود، عن عامر ابن سعد، قال:
[9]
بينما سعد يمشي إذ مر برجل، وهو يشتم عليا، وطلحة، والزبير، رضي الله عنهم، قال: فقال له سعد: إنك لتشتم قوما قد سبق لهم من الله ما سبق، والله لتكفن عن سبهم(19) أو لأدعون الله عليك. قال: يخوفني: كأنه نبي![6] فقال سعد: اللهم إن كان هذا يسب أقواما قد سبق لهم منك ما سبق فاجعله اليوم نكالا. قال: فجاءت بختية(20)، وأفرج الناس لها، فتخبطته. قال: فرأيت الناس يتبعون سعدا، يقول: استجاب الله عز وجل، لك أبا إسحاق.
أحب سعد بن أبي وقاص حبا شديدا ليس ذا انتقاص
وأرتجي بحبه خلاصي من هول يوم العرض والقصاص
لأنه في الدين ذو إخلاص جاهد كل جاحد خراص
من الأداني ومن الأقاصي لما رأى المجوس في اعتياص
مخ ۱۱