Explanation of Zad al-Mustaqni’ - Al-Husayn - Printed with the Additions
شرح زاد المستقنع - آل حسين - المطبوع مع الزوائد عليه
خپرندوی
المطبعة السلفية ومكتبتها
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٩٦١ م (في مجلد واحد)
د خپرونکي ځای
القاهرة
ژانرونه
هذا الكتاب
جاء هذا الكتاب غنية لطلاب الفقه عن كتب كثيرة.
فالطالب المبتدئ يستطيع فهمه، والعالم المنتهى يجد فيه بغيته مجتمعة دون أن يجهد نفسه في البحث في الكتب المطولة. فقد جمع المؤلف في هذا الكتاب كل ما يحتاج إليه الباحث، وقد أكثر من ذكر الأدلة من الكِتَاب والسُّنَّة.
وهذا الكتاب عبارة عن أربعة كتب يفصل بعضها عن بعض [*] خط أفقي مرتبة كالآتي:
١ - متن زاد المستقنع للحجاوي
٢ - تعليقات على الزاد للمؤلف
٣ - زوائد للزاد للمؤلف
٤ - تعليقات على الزوائد للمؤلف
وقد جاءت قدرة المؤلف في ترتيب هذه الكتب، وفي فصل بعضها عن بعض، وعدم اختلاط معانيها ومسائلها.
وإنا لنرجو أن ينفع الله به، وأن يحقق أمل مؤلفه، إنه على كل شيء قدير.
_________
[*] قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: وقد اقتصرنا في هذا النسخة الإلكترونية على (متن الزاد) للجحاوي، وتعليقات المؤلف على الزاد - رحمهما الله تعالى -
أما الزوائد وتعليقات المؤلف عليها -رحمه الله تعالى-، فمنشور مستقلا ضمن هذا البرنامج (المكتبة الشاملة)
المقدمة / 7
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (^١)
الحمد - لله (^٢) حمدًا لا ينفد (^٣). أفضل ما ينبغي أن يحمد (^٤). وصلى الله (^٥) وسلم (^٦) على أفضل المصطفين محمد (^٧)، وعلى آله (^٨) وأصحابه (^٩) ومن تعبد (^١٠)
(^١) (بسم الله إلخ) ابتدأ بها تأسيًا بالكتاب العزيز، وعملًا بحديث "كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بسم الله فهو أبتر" ناقص البركة. وكان النبي ﷺ يقتصر عليها في مراسلاته كما في كتابه لهرقل عظيم الروم. وقدم الرحمن على الرحيم لأن معناه المنعم الحقيقي البالغ في الرحمة غايتها وذلك لا يصدق على غيره. والرحيم ذو الرأفة بالمؤمنين.
(^٢) (الحمد) الثناء بالصفات الجميلة والأفعال الحسنة، سواء كان في مقابلة نعمة أم لا، قال الشيخ: الحمد ضد الذم، والحمد يكون على محاسن المحمود مع المحبة له، كما أن الذم يكون على مساوئه مع البغض له. وكذا قال ابنِ القيم. وفرق بينه وبين المدح بأن الإخبار عن محاسن الغير إما أن يكون إخبارًا مجردًا عن حب وإرادة، أو مفرطًا بحبه وإرادته، فإن كان الثاني فهو الحمد.
(^٣) (لا ينفد) بالدال المهملة أي لا يفرغ.
(^٤) (أن يحمد) أي يثنى عليه ويوصف. وأفضل منصوب على أنه بدل من حمدا أو صفة أو حال منه.
(^٥) (وصلى الله) قال الزهري: معنى الصلاة من الله الرحمة، ومن الملائكة الاستغفار، ومن الآدميين الدعاء.
(^٦) (وسلم) من السلام بمعنى التحية، أو السلامة من النقائص والرذائل، أو الأمان. والصلاة عليه مستحبة تتأكد يوم الجمعة وليلتها وكذا كلما ذكر.
(^٧) (أفضل المصطفين محمد) بلا شك لقوله. ﵊ "أنا سيد ولده آدم ولا فخر" وخص ببعثه إلى الناس كافة، وبالشفاعة، والأنبياء تحت لوائه.
(^٨) (آله) أتباعه على ذينه، نص عليه أحمد، وفي رواية "أهل بيته " وأفضل أهل بيته علي وفاطمة والحسن والحسين لأنه أدار عليهم الكساء وخصهم بالدعاء قاله الشيخ.
(^٩) (وأصحابه) الصحابي من اجتمع بالنبي ﷺ أو رآه ولو ساعة وآمن به ومات على ذلك.
(^١٠) (تعبد) عبد الله وحده، والعبادة ما أمر به شرعًا من غير اطراد عرفي ولا اقتضاء عقلى.
وقيل: كمال الحب مع كمال الخضوع.
1 / 4
ما بعد (^١) فهذا (^٢) مختصر (^٣) في الفقه (^٤) من مقنع الإمام الموفق أبى محمد (^٥)، على قول واحد (^٦) وهو الراجح في مذهب (^٧) أحمد (^٨)، وربما حَذَفْتُ منه مسائل نادرة الوقوع وزدت ما على مثله يعتمد (^٩) إذ الهمم قد قصرت (^١٠)، والأسباب المثبطة عن نيل المراد قد كثرت (^١١). ومع صغر حجمه حوى ما يغني عن التطويل (^١٢) ولا حول ولا قوة إلا بالله (^١٣)، وهو حسبنا ونعم الوكيل (^١٤).
(^١) (أما بعد) هذه الكلمة يؤتى بها للانتقال من أسلوب إلى غيره، ويستحب الإتيان بها في الخطب والمكاتبات اقتداء به ﷺ فإنه كان يأتي بها في الخطبة وشبهها.
(^٢) (فهذا) إشارة إلى ما تصوره في الذهن وأقامه مقام المكتوب المقروء الموجود بالعيان.
(^٣) (مختصر) أي موجز، وهو ما قل لفظه وكثر معناه. قال على: خير الكلام ما قل ودل، ولم يطل فيمل. والكلام يختصر ليحفظ، ويطول ليفهم.
(^٤) (الفقه) في اللغة الفهم، واصطلاحًا معرفة الأحكام الشرعية الفرعية بالاستدلال بالفعل أو القوة القريية. قال في الحاشية: هي الأهلية لاستخراج الأحكام بالاستدلال، فخرج المقلد اهـ.
(^٥) (أبي محمد) شيخ المذهب عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسى، تغمده الله برحمته.
(^٦) (على قول واحد) طلبًا للاختصار، والقول يعم ما كان رواية عن الإمام، أو وجهًا للأصحاب. والرواية الحكم المروي عن أحمد في مسألة، والوجه الحكم المنقول في مسألة لبعض الأصحاب المجتهدين ممن رأى الإمام فمن بعدهم جاريًا على قواعد الإمام، وربما كان مخالفًا لقواعده إذ عضده الدليل، والاحتمال في معنى الوجه، إلا أن الوجه مجزوم بالفتيا به، والإحتمال يبين أن ذلك صالح لكونه وجهًا. والتخريج نقل حكم إحدى المسألتين المتشابهتين إلى أخرى ما لم يفرق بينهما أو يقرب الزمن، وهو في معنى الاحتمال.
(^٧) (مذهب) أبي عبد الله إمام الأئمة وناصر السنة. والمذهب في اللغة الذهاب أو زمانه أو مكانه، ثم أطلق على ما قاله المجتهد بدليل ومات قائلًا به، وكذا ما جرى مجرى قوله من فعل أو قول ونحوه.
(^٨) (أحمد) ابن محمد بن حنبل. فانظر يا ناصح نفسه إلى عز العلم ورفع أهله العاملين به، قال ﵊ "فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم" رواه الترمذي، وقال "من سلك طريقًا يلتمس به علمًا سهل الله له طريقًا إلى الجنة" رواه الترمذي.
(^٩) (يعتمد) أي يعول عليه، كموافقته الصحيح.
(^١٠) (قصرت) تعليل لاختصاره المقنع. والهمم جمع همة، يقال هممت بالشئ إذا أردته.
(^١١) (كثرت) لسبق القضاء بأنه "لا يأتى زمان إلا وما بعده شر منه حتى تلقوا ربكم".
(^١٢) (ما يغني عن التطويل) لاشتماله على جل المهمات التي يكثر وقوعها، ولو بمفهومه.
(^١٣) (لا حول ولا قوة إلا بالله) أي لا تحول من حال إلى حال ولا قوة على ذلك إلا بالله، وقيل لا تحول عن معصية الله إلا بمعونة الله، ولا قوة على طاعة الله إلا بتوفيق الله. والمعنى الأول أجمع وأشمل قاله الشيخ.
(^١٤) (الوكيل) ﷻ المفوض إليه تدبير خلقه والقائم بمصالحهم والحافظ لهم.
1 / 5
كتاب الطهارة (^١)
وهي ارتفاع الحدث وما في معناه (^٢) وزوال الخبث (^٣) المياه ثلاثة (^٤): طهور لا يرفع الحدث ولا يزيل النجس الطارئ غيره وهو الباقى على خلقته (^٥). فإن تغير بغير ممازج كقطع كافور ودهن أو بملح
(^١) (الطهارة) في اللغة الوضاءة والنزاهة عن الأقذار حسية كانت أو معنوية، ومنه ما في الصحيح عن ابن عباس "أن النبي ﷺ إذا دخل على مريض قال: لا بأس، طهور إن شاء الله" أي من الذنوب. وهى في الشرع: رفع ما يمنع من الصلاة من حدث أو نجاسة بالماء، أو رفع حكمه بتراب أو غيره.
(^٢) (وما في معناه) كالحاصل بغسل الميت لأنه تعبدى لا عن حدث، وكذا غسل يدي قائم من نوم الليل، والمستحاضة إن قلنا لا يرفع الحدث.
(^٣) (الخبث) لأن الخبث قد يكون جرمًا فناسب زوالًا، ولما كان الحدث معنويًا عبر عنه بما يناس الارتفاع.
(^٤) (ثلاثة ماء طهور يجوز الوضوء به، وماء طاهر لا يجوز الوضوء به ويجوز استعماله في شرب ونحوه وماء نجس. هذه طريقة الخرقى وصاحب التلخيص، وطريقة الشيخ طاهر ونجس يأتى في الزوائد.
(^٥) (خلقته) أي صفته التي خلقه الله عليها إما حقيقة بأن يبقى على ما وجد عليه من حرارة أو برودة أو ملوحة ونحوها، وسواء نزل من السماء أو نبع من الأرض وبقى على أصل خلقته. وروى جابر عن النبي ﷺ أنه قال في البحر "هو الطهور ماؤه، الحل ميتته" رواه أحمد. وهذا قول عامة العلماء، وروى أبو هريرة نحوه رواه أبو داود والنسائى والترمذى وصححه.
1 / 6
مائى (^١) أو سخن بنجس كره. وإن تغير بمكثه (^٢)، أو بما يشق صون الماء عنه من نابت فيه وورق شجر، أو بمجاورة ميتة، أو سُخِّن بالشمس أو بطاهر لم يكره. وإن استعمل في طهارة مستحبة كتجديد وضوء أو غسل جمعة أو غسلة ثانية وثالثة كره. وإن بلغ قلتين (^٣)، هو الكثير - وهما خمسمائة رطل عراقي تقريبًا (^٤) - فخالطته نجاسة غير بول آدمي أو عذرته المائعة فلم تغيره (^٥)
(^١) (بملح مائي) هو الذى يرسل على السباخ فيصير ملحًا، لأن المتغير له منعقد من الماء أشبه ذوب الثلج.
(^٢) (بمكثه) قال ابن المنذر: أجمع من يحفظ عنه من أهل العلم على أن الوضوء بالماء المتغير من غير نجاسة حلت فيه جائز، وبه قال الجمهور لما روى عن النبي ﷺ أنه توضأ من بئر كان ماؤه نقاعة الحناء.
(^٣) (قلتين) المراد بالقلة هنا الجرة الكبيرة من قلال هجر، اسم قرية، وإنما خصت القلتان بقلال هجر لورودها في بعض ألفاظ الحديث.
(^٤) (تقريبًا) لما روى عبد الله بن جريج قال: رأيت قلال هجر، فرأيت القلة تسع قربتين وشيئًا. والقربة مائة رطل بالعراقى. والاحتياط أن يجعل الشئ نصفًا فكانت القلتان خمسمائة بالعراقى وهو قول الشافعي.
(^٥) (فلم تغيره) فطهور، لقوله ﵊ "إذا بلغ الماء قلتين لم ينجسه شئ" وفى رواية "لم يحمل الخبث" رواه أحمد وغيره، قال الحاكم على شرط الشيخين وحديث "إن الماء طهور لا ينجسه شئ" وحديث "الماء لا ينجسه شئ إلا ما غلب على ريحه أو طعمه أو لونه" يحملان على المقيد السابق.
1 / 7
أو خالطه البول أو العذرة ويشق نزحه كمصانع طريق مكة فطهور (^١)
(^١) (فطهور) ما لم يتغير، قال في الشرح: لا نعلم فيه خلافًا، ومفهومه أن ما لا يشق نزحه ينجس ببول آدمي أو عذرته المائعة أو الجامدة إذا ذابت فيه ولو بلغ قلتين، وهو قول أكثر المتقدمين والمتوسطين، قال في المباع: ينجس على المذهب وإن لم يتغير لحديث أبي هريرة "لا يبولن أحدكم بالماء الدائم الذى لا يجرى ثم يغتسل منه" متفق عليه. والرواية الثانية في الزوائد.
1 / 8
ولا يرفع حدَث رجل طهورٌ يسير خلت به امرأة (^١)
(^١) (خلت به امرأة) كخلوة نكاح تعبدًا، لما روى الحكم بن عمرو الغفارى قال "تنهى النبي ﷺ أن يتوضأ الرجل بفضل المرأة ورواه أبو داود وغيره وحسنه الترمذى، وإذا لم يجد غيره استعمله وجوبًا وتيمم على هذه الرواية.
1 / 9
لطهارة كاملة عن حدث (^١) وإن تغير طعمه أو لونه أو ريحه (^٢) بطبخ أو ساقط فيه أو رفع بقليله حدث
(^١) (عن حدث) فإن حضرها إنسان قبل غسل إحدى رجليها لم تكن خالية به.
(^٢) (أو ريحه) فلا يطهر في إحدى الروايتين، وهو قول مالك والشافعى وإسحق واختيار القاضى، والثانية أنه باق على طهوريته نقله عن أحمد جماعة من أصحابنا، وهو مذهب أبى حنيفة وأصحابه، لأن الله قال" فلم تجدوا ماء فتيمموا، وهذا عام في كل ماء، ولأن الصحابة كانوا يسافرون وغالب أسقيتهم الأدم وهي تغير أوصاف الماء عادة، ولم يكونوا يتيممون معها.
1 / 10
أو غمس فيه يد قائم من نوم ليل ناقض لوضوء (^١) أو كان آخر غسلة زالت النجاسة بها فطاهر. والنجس
(^١) (ناقض لوضوء) يسلبه الطهورية، لأن النهي لولا أنه يفيد منعًا لم ينه عنه، والرواية الثانية لا يسلبه الطهورية. قال في الشرح: وهو الصحيح إن شاء الله، لأن الماء قبل الغمس كان طهورًا فيبقى على الأصل، والنهى إن كان لوهم النجاسة فلا تزول الطهورية كما لا تزول الطهارة، وإن كان تعبدًا اقتصر على مورد النص وهو مشروعية الغسل.
1 / 11
ما تغير بنجاسة أو لاقاها (^١) وهو يسير، أو انفصل عن محل نجاسة قبل زوالها، فإن أضيف إلى الماء النجس طهور كثير غير تراب ونحوه أو زال تغير النجس الكثير بنفسه أو نزح منه فبقى بعده كثير غير
(^١) (أو لاقاها) إن كان الماء مورودًا بأن غمس المتنجس في الماء القليل فينجس بمجرد الملاقاة، وإن كان الماء واردًا على محل التطهير، لضرورة التطهير فطهور، إذ لو قلنا يتنجس بمجرد الملاقاة لم يمكن تطهير نجس بماء قليل.
1 / 12
متغير طهر. وإن شك في نجاسة ماء أو غيره أو طهارته بنى على اليقين (^١) وإن اشتبه طهور بنجس
(^١) (بنى على اليقين) الذى كان متيقنًا قبل طروء الشك، إما بطهارة فطاهر، وإما بنجاسة فنجس.
1 / 13
حرم استعمالها ولم يتحر. ولم يشترط للتيمم إراقتهما ولا خلطهما. وإن اشتبه بطاهر توضأ منهما وضوءًا واحدًا من هذا غرفة ومن هذا غرفة وصلى صلاة واحدة. وإن اشتبهت ثياب طاهرة بنجسة أو بمحرمة صلى
1 / 14
في كل ثوب صلاة بعد النجس أو المحرم وزاد الصلاة.
1 / 15
باب (^١) الآنية
كل إناء طاهر ولو ثمينًا يباح اتخاذه واستعماله، إلا آنية ذهب وفضة ومضببًا بهما فإنه يحرم اتخاذها (^٢) واستعمالها ولو على أنثى. وتصح الطهارة منها (^٣) إلا ضبة
يسيرة من فضة لحاجة (^٤). وتكره مباشرتها لغير حاجة. وتباح آنية الكفار (^٥)
(^١) (باب) وهو ما يدخل منه إلى المقصود ويتوصل به إلى الاطلاع عليه، ويجمع أبواب.
(^٢) (اتخاذها) أما الاستعمال فمتفق عليه، وأما الاتخاذ فحكى صاحب المحرر رواية عن أحمد أنه لا يحرم، وهو مذهب الشافعى، لأنه لا يلزم من تحريم الاستعمال تحريم الاتخاذ.
(^٣) (الطهارة منها) لأن الإناء ليس بركن ولا شرط فلم يؤثر، وهو قول أصحاب الرأى والشافعي وإسحق وابن المنذر واختاره الخرقي. ولوجه الثاني: لا تصح اختاره أبو بكر لإتيانه بالعبادة على وجه محرم.
(^٤) (لحاجة) وهو أن يتعلق بها غرض غير الزينة فلا بأس بها، لما روى البخاري عن أنس "أن قدح النبي ﷺ انكسر فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة" وعلم منه أن المضبب بذهب حرام مطلقًا.
(^٥) (آنية الكفار) ما لم تعلم نجاستها، قال ابن عقيل: لا تختلف الرواية في أنه لا يحرم استعمال أوانيهم لقوله تعالى ﴿وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ﴾ ولحديث عبد الله بن معقل قال "دلى جراب من شحم يوم خيبر فالتزمته وقلت: والله لا أعطي أحدًا منه شيئًا، فالتفت فإذا رسول الله ﷺ يتبسم" رواه مسلم. وتوضأ عمر من جرة نصرانية.
1 / 16
ولو لم
تحل ذبائحهم (^١) وثيابهم (^٢) إن جهل حالها.
(^١) (ذبائحهم) وهم المجوس وعبدة الأوثان ونحوهم ما لم تتحقق نجاستها، وهذا مذهب الشافعي لأن النبي ﷺ وأصحابه توضئوا من مزادة مشركة. وقال القاضى: هي نجسة لحديث أبي ثعلبة.
(^٢) (وثيابهم) وكره أبو حنيفة والشافعي لبس الأزر والسراويلات.
1 / 17
ولا يطهر جلد ميتة (^١) بدباغ (^٢)، ويباح استعماله بعد الدبغ في يابس (^٣) من حيوان
طاهر في الحياة (^٤)، ولبنها كل أجزائها نجسة غير شعر ونحوه، وما أبين من حي فهو كميتته (^٥).
(^١) (ميتة) عدم طهارة جلد الميتة بالدباغ من المفردات، ومذهب الشافعي طهارة جلود الحيوانات كلها إلا الكلب والخنزير لأنه يرى طهارتها في حال الحياة، ولنا ما روى أبو ريحانة قال "نهى رسول الله ﷺ عن ركوب النمور" رواه أحمد، وحديث المقداد في الزوائد.
(^٢) (بدباغ) هذا الصحيح من المذهب وهو إحدى الروايتين عن مالك، وروى عن عمر وابنه وعائشة وعمران بن حصين لما روى عبد الله بن عكيم "أن النيي ﷺ كتب إلى جهينة: أني كنت رخصت لكم في جلود الميتة فإذا جاءكم كتابي هذا فلا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب" رواه أبو داود. وليس في رواية أبى داود كنت رخصت لكم، وفى رواية "أتانا كتاب رسول الله ﷺ قبل وفاته بشهر أو شهرين" وهو ناسخ لما قبله.
(^٣) (في يابس) لأن النبي ﷺ وجد شاة ميتة أعطيتها مولاة لميمونة من الصدقة فقال رسول الله ﷺ "لو أخذتم إهابها فدبغتموه فانتفعتم به" رواه مسلم، ولأن الصحابة لما فتحوا فارس انتفعوا بسروجهم وأسلحتهم وذبائحهم ميتة، والرواية الثانية لا يجوز، لحديث عكيم.
(^٤) (في الحياة) فلا ينتفع بجلود السباع قبل الدبغ ولا بعده، وبذلك قال الأوزاعي وابن المبارك واسحق وأبو ثور، وروى عن عمر وعلى كراهية الصلاة في جلود الثعالب.
(^٥) (كميتته) طهارة ونجاسة، فما قطع من السمك طاهر، وما قطع من بهيمة الأنعام ونحوها مع بقاء حياتها نجس لقوله ﵊ "ما قطع من بهيمة الأنعام وهي حية ميتة" رواه الترمذى وقال حسن غريب إلا لطريدة وتأتى.
1 / 18
باب الاستنجاء (^١)
(يستحب) عند دخول الخلاء قول "بسم الله (^٢). أعوذ بالله من الخبث والخبائث" (^٣) وعند الخروج منه "غفرانك (^٤)، الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني (^٥) " وتقديم رجله اليسرى دخولًا
(^١) (الاستنجاء) والاستجمار يكون تارة بالماء وتارة بالأحجار، والاستجمار مختص بالأحجار مأخوذ من الجمار وهي الحصى الصغار. ولاستنجاء من نجوت الشجرة إذا قطعتها كأنه يقطع الأذى عنه.
(^٢) (بسم الله) لما روى علي قال: قال رسول ﷺ "ستر ما بين الجن وعورت بني آدم إذا دخل الكنيف أن يقول بسم الله" رواه ابن ماجه والترمذى، وليس إسناده بالقوي.
(^٣) (والخبائث) ومن الرجس النجس الشيطان الرجيم، لما روى أنس "أن النبي ﷺ كان إذا دخل الخلاء قال: اللهم أعوذ بك من الخبث والخبائث" متفق عليه كأنه استعاذ من الشر وأهله.
(^٤) (غفرانك) لحديث أنس "كان رسول الله ﷺ إذا خرج من الخلاء قال غفرانك" رواه الترمذي.
(^٥) (وعافاني) لما روى ابن ماجه عن أنس "كان سول الله ﷺ إذا خرج من الخلاء قال: الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافانى".
1 / 19
ويمنى خروجًا عكس مسجد ونعل (^١)، واعتماده على رجله اليسرى (^٢)، وبُعده في قضاء، واستتاره (^٣)، وارتياده لبوله مكانًا رخوًا (^٤)، ومسحه بيده اليسرى إذا فرغ من بوله من أصل ذكره إلى رأسه ثلاثًا ونتره
ثلاثًا (^٥)، وتحوله من موضعه ليستنجي في غيره إن خاف تلوثًا.
(^١) (ونعل) فاليسرى تقدم للأذى، واليمنى لما سواه، لحديث أبي هريرة.
(^٢) (على رجله اليسرى) حال جلوسه لحديث ساقة بن مالك "أمرنا أن نتكئ على اليسرى وننصب اليمنى".
(^٣) (واستتاره) لحديث أبى هريرة عن النبي ﷺ قال "من أتى الغائط فليستتر، فإن لم يجد إلا أن يجمع كثيبًا من رمل فليستدبره، فإن الشيطان يلعب بمقاعد بني آدم، من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج" رواه أبو داود.
(^٤) (مكانًا رخوًا) لما روى أبو موسى قال "كنت مع النبي ﷺ ذات يوم فأراد أن يبول، فأتى دمثًا في أصل جدار فبال ثم قال: إذا أراد أحاكم أن يبول فليرتد لبوله مكانًا رخوًا (١) رواه أحمد وأبو داود.
(^٥) (ونتره ثلاثًا) ليستخرج بقية البول، لحديث "إذا بال أحاكم فلينتر ذكره ثلاثًا" رواه أحمد وغيره وأنكر ذلك الشيح وقال: هو بدعة، وضعف هذا الحديث.
1 / 20
(ويكره) دخوله بشيء فيه ذكر الله تعالى إلا لحاجة، ورفع ثوبه قبل دنوه من الأرض (^١)، وكلامه فيه (^٢)، وبوله في شق ونحوه (^٣)، ومس فرجه بيمينه واستنجاؤه
واستجماره بها (^٤)، واستقبال النيرين
(^١) (قبل دنوه من الأرض) لما روى أبو داود عن النبي ﷺ "أنه كان إذا أراد الحاجة لا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض".
(^٢) (وكلامه فيه) لما روى ابن عمر قال "مر بالنبى ﷺ رجل فسلم عليه وهو يبول فلم يرد عليه" رواه مسلم، وروى أبو سعيد الخدرى قال: سمعت رسول الله ﷺ قالا لا يخرج الرجلان يضربان الغائط كاشفين عن عورتهما يتحدثان، فإن الله يمقت على ذلك" رواه أبو داود.
(^٣) (في شق ونحوه) لأن النبي ﷺ "نهى أن يبال في الجحر" رواه أبو داود، قال قتادة: يقال أنها مساكن الجن رواه أحمد.
(^٤) (واستجماره بها) لما روى أبو قتادة أن رسول الله ﷺ قال "لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه، ولا يتمسح من الخلاء بيمينه" متفق عليه.
1 / 21
(ويحرم) استقبال القبلة واستدبارها في غير بنيان (^١)، ولبثه فوق حاجته، وبونه في طريق وظل نافع (^٢) وتحت شجرة عليها ثمرة.
ويستجمر بحجر ثم يستنجى بالماء (^٣): ويجزئه الاستجمار (^٤) إن لم يعد الخارج موضع العادة (^٥).
(^١) (في غير بنيان) أي الفضاء، وهذا قول أكثر العلماء. روى أبو أيوب قال: قال: رسول الله ﷺ "إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها، ولكن شرقوا أو غربوا" قال أبو أيوب: فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت نحو الكعبة، فننحرف عنها ونستغفر الله، متفق عليه. وعن أبى هريرة عن رسول الله ﷺ قال "إذا جنس أحدكم على حاجته فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها" رواه مسلم.
(^٢) (وظل نافع) لما روى معاذ أن النبي ﷺ قال "اتقوا الملاعن الثلاث: البراز في الموارد، وقارعة الطريق، والظل" رواه أبو داود رابن ماجه، وعن أبي هريرة نحو عند مسلم.
(^٣) (بالماء) الجمع بين الماء والحجر أفضل لأن الحجر يزيل ما غلظ من النجاسة والماء يزيل ما بقى، وروى أحمد عن عائشة أنها قالت للنساء "مرن بأزواجكن أن يتبعوا الحجارة الماء من أثر الغائط والبول، فإني أستحييهم وأن النبي ﷺ كان يفعله، وصححه الترمذي.
(^٤) (الاستجمار) يجزى أحدهما في قول أكثر أهل العلم، لما روى أنس قال "كان النبي ﷺ يدخل الخلاء فأحمل أنا وغلام إداوة من ماء وعنزة، فيستنجي بالماء" متفق عليه.
ومتى أراد الاقتصار على أحدهما فالماء أفضل.
(^٥) (موضع العادة) لقول علي: إنكم كنتم تبعرون بعرًا، وإنكم اليوم تثلطون ثلطًا، فأتبعوا الماء الأحجار.
1 / 22