مَفْتُونٍ".
فَمَنْ عَرَفَ الْحَقَّ وَلَمْ يَعْمَلْ بِهِ أَشْبَهَ الْيَهُودَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ فِيهِمْ: ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾.
وَمَنْ عَبَدَ اللَّهَ بِغَيْرِ عِلْمٍ بَلْ بِالْغُلُوِّ وَالشِّرْكِ أَشْبَهَ النَّصَارَى الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ فِيهِمْ: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ﴾.
فَالْأَوَّلُ مِنْ الْغَاوِينَ، وَالثَّانِي مِنْ الضَّالِّينَ. " (^١)
ولذلك كان منهج السلف في التوحيد يقوم على أمرين؛ هما:
١ - العلم بالله.
٢ - والعمل لله.
فجمعوا بذلك بين التصديق العِلمي والعَمل الحُبِّي، وبذلك تميز منهج أهل السنة والجماعة (السلف) عن المناهج الأخرى.
حيث حققوا كِلا الأمرين؛ من القول التصديقي المعتمد على معرفة أسماء الله وصفاته وأفعاله الواردة في الكتاب والسنة. والعمل الإرادي، وذلك باتباع الأوامر واجتناب النواهي وفق ما شرعه الله في كتابه وعلى لسان رسوله ﷺ.
ولذلك كان كلامهم وعملهم باطنًا وظاهرًا بعلم، وكان كل واحد من قولهم وعملهم مقرونًا بالآخر، وهؤلاء هم المسلمون حقًّا؛ الذين سَلِموا من آفات منحرفة المتكلمة والمتصوفة.
فوقعت كل طائفة من هاتين الطائفتين المنحرفتين في مفسدتين:
إحداهما: القول بلا علم إن كان متكلمًا، والعمل بلا علم إن كان متصوفًا.
والمفسدة الثانية: فوت المتكلم العمل، وفوت المتصوف القول والكلام (^٢).