45

Explanation of the Great Foundation in Means and Intercession

شرح كتاب قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة

ژانرونه

الأسباب الإيمانية التي تبعد الشياطين عن العبد قال رحمه الله تعالى: [ومنها]. أي: من الأسباب الإيمانية التي يتبين بها عبث الشيطان؛ لأنه حينما تكلم عما يحصل عند القبور من عبث الشياطين بكثير من الإنس، وأن ذلك يختلط أحيانًا بالكرامات ويختلط بالأمور المحمودة، قال: (ويتبين هذا من ذاك)، أي: يتبين عبث الشياطين بالمقصرين من الإنس من غيره بأمور: وذكر منها أولًا أن يقرأ آية الكرسي بصدق، فالمسلم إذا قرأ آية الكرسي بصدق فإن الله يحميه من الشيطان. وإن الشيطان ينكص. وذكر منها أيضًا في صفحة (١٦٩): أن يستعيذ بالله من الشياطين، فالمسلم إذا أكثر من الاستعاذة بالله من الشياطين، فإن الشياطين لا تغويه ولا تضره ولا تستحوذ عليه، ولا تلبّس عليه كما تلبّس على الغافلين وعلى أهل البدع الذين اختلت عقائدهم. ثم ذكر ثالثًا في نفس الصفحة: أن يستعيذ بالتعوذات الشرعية الأوراد والأذكار والأمور التي جعلها الله سببًا في طرد الشياطين وفي جلب الخير والملائكة للإنسان. ثم ذكر بعد ذلك صفحة (١٧١) رابعًا: أن يدعو الرائي ربه ﵎ ليبين له الحال هل هو من الكرامات أو من عبث الشياطين؟ هل هو من الأمور المحمودة أو المذمومة شرعًا؟ هل هو من الأمور الحسنة أو السيئة؟ ثم ذكر بعد ذلك أمرًا خامسًا: وهو أن يقول لذلك الشخص: أأنت فلان؟ يعني أنه إذا اشتبه عليه صورة شخص يعرفه بعينه، أو يذكر أنه فلان، أو يدّعي أنه الميت أو الغائب، أو العالم فلان أو الرجل الصالح، ويكون الرائي ممن لا يعرف هذا الشخص، فمن هنا يسأله عن هذه الأمور التي يتميز بها هذا من ذاك، كما قال: [ومنها: أن يدعو الرائي بذلك ربه ﵎ ليبين له الحال. ومنها: أن يقول لذلك الشخص: أأنت فلان؟ ويقسم عليه بالأقسام المعظّمة، ويقرأ عليه قوارع القرآن إلى غير ذلك من الأسباب التي تضر الشياطين. وهذا كما كان كثير من العُبَّاد يرى الكعبة تطوف به، ويرى عرشًا عظيمًا وعليه صورة عظيمة، ويرى أشخاصًا تصعد وتنزل فيظنها الملائكة، ويظن أن تلك الصورة هي الله تعالى وتقدس، ويكون ذلك شيطانًا]. وكما حصل أيضًا لـ ابن صياد على عهد النبي ﷺ، وابن صياد كان عنده شيء من المخرقة والدجل، وخشي النبي ﷺ أن يفتن به الصحابة، فأراد أن يبين لهم أنه ممخرق كاذب دجال، فأتاه وكان مما جرى بينه وبين ابن صياد أن النبي ﷺ قال لـ ابن صياد: (ماذا ترى؟ قال: أرى عرشًا على الماء، قال النبي ﷺ: ذاك عرش الشيطان) طبعًا قوله: أرى عرشًا على الماء، يوهم بأنه يرى العرش قبّحه الله، فالنبي ﷺ قال: (ذاك عرش الشيطان) فإذًا: أهل الأهواء يرون مثل هذه الأمور، حتى أنهم قد يرون شيئًا على عرش ما فيظنونه الله ﷿، وأحيانًا يتوهمون أنهم يجلسون على العرش وهو عرش الشيطان، فإن الله ﷿ أعظم وأجل من أن يصل أحد إلى إدراك شيء من عظمته.

6 / 3