Explanation of the Forty Hadith by Al-Uthaymeen
شرح الأربعين النووية للعثيمين
خپرندوی
دار الثريا للنشر
ژانرونه
ومن المعلوم بالعقل أن ردّ منّة ذي المنّة إساءة أدب، فلو أن رجلًا من الكرماء أهدى إليك هدية ورددتها فإن هذا يعتبر سوء خلق وأدب، ولهذا كان النبي ﷺ لا يرد الهدية (١)، ولو كانت الهدية شيئًا قليلًا فإنه يقبلها ويثيب عليها.
والخلاصة: أن الامتناع عن الطيّبات لغير سبب شرعي مذموم..
٩أنه يجب شكر نعمة الله ﷿ بالعمل الصالح لقوله تعالى: (كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا) (المؤمنون: الآية٥١) وفي المؤمنين قال: (كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّه) (البقرة: الآية١٧٢)
ويتفرّع من الجمع بين الآيتين: أن الشكر هو العمل الصالح، لقول النبي ﷺ: "إِنَّ اللهَ أَمَرَ المُؤمِنِيْنَ بِمَا أَمَرَ بِهِ المُرْسَلِينَ" والذي أمر به المرسلين شيئان:
الأول: الأكل من الطيبات.
والثاني: العمل الصالح.
فليس كل من قال: الشكر لله، والحمد لله يكون شاكرًا حتى يعمل صالحًا، ولهذا قال بعض الفقهاء: الشكر طاعة المنعم، أي القيام بطاعته، وهذا معنى قوله (وَاعْمَلُوا صَالِحًا) المؤمنون ٥١)
. ١٠توجيه الأمر لمن هومتّصف به، لقوله: وَاعْملُوا صَالِحًَا فوجه الأمر بالعمل الصالح للمرسلين مع أنهم يعملون الصالحات ولا شك في ذلك، وهذا كقوله تعالى لرسوله محمد: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ) (الأحزاب: الآية١) وقوله: (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ) (الأحزاب: ٣٧) ففي هذه الآيات أمر الله رسوله ﷺ بالتقوى مع أنه ﷺ أتقى الناس لله ﷿ والواحد منا -ونحن مفرطون - إذا قيل له: اتق الله. انتفخ غضبًا، ولو قيل
(١) - أخرجه البخاري - كتاب: الهبة، باب: المكافأة في الهبة، (٢٥٨٥)
1 / 148