لا تنافي بين استواء الله على العرش وبين قربه من عباده
والسؤال هنا: هل الاستواء على العرش ينافي قرب الله من عباده وإحاطته بأفعالهم أم لا؟ والجواب عنه بإذن الله يكون يسيرًا: فإن الله فوق العرش ويعلم ما العباد عليه، ولا يخفى عليه شيء من أفعال عباده ﷾، كما قال ابن مسعود: العرش فوق السماء، والله فوق العرش، ويعلم ما أنتم عليه.
وقد قال الإمام مالك: إن الله عالم فوق عرشه ويعلم ما العباد عليه.
أو كما قال أبو حنيفة: الله فوق العرش ولا يخلو من علمه مكان.
فلا تنافي بين علو الله جل وعلا وبين قربه إحاطة وصنعًا وقدرةً وعلمًا سبحانه جل في علاه، فلذلك نقول: هو علي في قربه، وهو قريب في علوه ﷾، وهو فوق العرش، فالكون كله في يده كحبة خردل في يد أحدكم، وهو أقرب إلى أحدكم من عنق الراحلة كما قال النبي ﷺ، فقد أحاط بكل شيء علمًا وأحاط بكل شيء سمعًا، وأحاط بكل شيء قدرة، فإذا شاء شيئًا قال له: كن، فيكون، وفي الصحيح (عن عائشة ﵂ وأرضاها أنها قالت: سبحان الذي وسع سمعه الأصوات كلها! إن المرأة لتشتكي زوجها للنبي ﷺ ويخفى عني بعض حديثها، فأنزل الله ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ﴾ [المجادلة:١]).
إذًا: علو الله جل في علاه لا ينافي قربه جل وعلا من عباده، فقد أحاط بهم قوة وقدرة وسمعًا وعلمًا.