Explanation of the Book of Faith by Abu Ubaid - Al-Rajhi
شرح كتاب الإيمان لأبي عبيد - الراجحي
ژانرونه
الآثار الدالة على أنه لا يبلغ العبد كفرًا ولا شركًا حتى يفعل الشرك الأكبر
قال المؤلف ﵀: [ولا يجب اسم الكفر والشرك الذي تزول به أحكام الإسلام ويلحق صاحبة بردة إلا كلمة الكفر خاصة دون غيرها، وبذلك جاءت الآثار مفسرة].
يقول المؤلف: إن هذه النصوص التي سبقت وفيها تسمية بعض الكبائر شركًا أو كفرًا إنما هي كبائر، وإن كان الشرك والكفر أكبر من الكبائر إلا أنها كبائر لا تخرج صاحبها من الملة، ولا يلحقه اسم الكفر الأكبر والشرك الذي تزول به أحكام الإسلام ويلحق صاحبها ردة إلا كلمة الكفر خاصة دون غيرها، وكلام المؤلف ﵀: (ويلحق صاحبه ردة إلا كلمة الكفر خاصة دون غيرها) هذا فيه نظر، والصواب: أن الردة تحصل بكلمة الكفر كما سبق، وبفعل الكفر: كما لو سجد للصنم أو داس المصحف بقدمه أو لطخه بالنجاسة، هذا يكفر بهذا الفعل ولو لم يتكلم، كذلك أيضًا يكون الكفر باعتقاد الكفر: كما لو اعتقد أن لله صاحبة أو ولدًا، ويكون أيضًا بكلمة الكفر: كمن سب الله أو سب رسوله أو سب دينه أو استهزأ بالله وكتابه ورسوله، ويكون الكفر أيضًا بالإعراض: كما لو أعرض عن دين الله لا يتعلمه ولا يعمل به.
إذًا: قول ليس بسليم بل يكون كافرًا بكلمة الكفر وبفعل الكفر وباعتقاد الكفر وبالإعراض عن دين الله لا يعلمه ولا يتعلمه، فهذه الأنواع كلها يخرج بها من الإسلام إلى دائرة الكفر.
قال المؤلف ﵀: [قال أبو عبيد: حدثنا أبو معاوية عن جعفر بن برقان عن ابن أبي نشبة عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ: (ثلاث من أصل الإسلام: الكف عن من قال: لا إله إلا الله، لا نكفره بذنب، ولا نخرجه من الإسلام بعمل، والجهاد ماض من يوم بعثني الله إلى أن يقاتل آخر أمتي الدجال، لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل، والإيمان بالأقدار كلها)].
الشيخ: هذا الحديث ضعيف؛ لأن في سنده مجهول وهو يزيد السلمي، ولكن معناه صحيح، وبعضه له شواهد.
قوله: (ولا نكفره بذنب ولا نخرجه من الإسلام بعمل) هذا صحيح، فمن قال: (لا إله إلا الله) وكان لا يقولها في كفره فإنه يحكم بإسلامه ثم بعد ذلك إن التزم بأحكام الإسلام فالحمد لله، وإن فعل ناقضًا من نواقض الإسلام عومل بذلك، فمن قال: (لا إله إلا الله) لا نكفره بذنب ولا نخرجه من الإسلام بعمل، هذا معتقد أهل السنة والجماعة.
قوله: (والجهاد ماض من يوم بعثني الله إلى أن يقاتل آخر أمتي الدجال لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل) هذا ثابت، وقوله: (والإيمان بالأقدار كلها) هذا يحتاج إلى نظر، فالإيمان بالأقدار كلها لا يعلم أنه ثابت في حديث صحيح ويحتاج إلى مراجعة، لكن معناه صحيح بل هو من أصل الإيمان، وركن من أركان الإسلام، لا يصح الإسلام إلا به.
إذًا: الكف عمن قال: (لا إله إلا الله) لا يكفر بذنب، ولا يخرج من الإسلام بعمل، إلا إذا فعل ناقضًا من نواقض الإسلام وفعل شركًا في العبادة، وكذلك أيضًا الجهاد ماض إلى أن يقاتل آخر هذه الأمة الدجال، كل هذا صحيح.
والمؤلف ﵀ بهذا الحديث يبين أن المسلم والمؤمن لا يخرج من الإيمان بذنب من الذنوب، ولا يخرج من الإسلام بعمل يعمله كما لو فعل كبيرة كالزنا أو السرقة أو شرب الخمر أو عقوق الوالدين أو قطيعة الرحم، ما دام أنه مسلم ومؤمن وموحد فلا يخرج من الإسلام بذنب ولا يكفر بمعصية من المعاصي إلا إذا فعل ناقضًا من نواقض الإسلام أو فعل شركًا في العبادة، كما لو دعا غير الله أو ذبح لغير الله أو نذر لغير الله أو طاف بغير بيت الله تقربًا لذلك الغير أو سجد للصنم أو اعتقد الكفر، أما إذا فعل معصية أو كبيرة فإنه يبقى عليه اسم الإسلام وحكم الإسلام، ولكن إيمانه يكون ناقصًا وضعيفًا.
قال المؤلف ﵀: [قال أبو عبيد: حدثنا عباد بن عباد عن الصلت بن دينار عن أبي عثمان النهدي قال: دخلت على ابن مسعود وهو في بيت مال الكوفة فسمعته يقول: لا يبلغ بعبد كفرًاَ ولا شركًا حتى يذبح لغير الله أو يصلي لغيره].
قوله: (لا يبلغ بعبد) لعله (لا يبلغ عبد) وهذا الأثر عن ابن مسعود ضعيف؛ من أجل الصلت بن دينار فإنه ضعيف جدًا، لكن المؤلف ﵀ يبين أن الإنسان المؤمن لا يخرج من الإيمان بالمعاصي إلا إذا فعل كفرًا أو شركًا، وعلى فرض صحته فقوله: (لا يبلغ عبدًا كفرًا ولا شركًا حتى يذبح لغير الله أو يصلي لغير الله) لأنه إذا ذبح لغير الله أشرك شركًا أكبر، وكذلك إذا صلى لغير الله، وهذا مثال، وكذا جميع النواقض وجميع أنواع الشرك إذا فعلها خرج من الإسلام.
قوله: (لا يبلغ عبد كفرًا ولا شركًا) يعني: بالمعاصي حتى يفعل الشرك الأكبر، ومثل لذلك: بالذبح لغير الله أو الصلاة لغير الله.
قال المؤلف ﵀: [قال أبو عبيد: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي سفيان قال: جاورت مع جابرًا بن عبد الله بمكة ستة أشهر فسأله رجل: هل كنتم تسمون أحدًا من أهل القبلة كافرًا؟ فقال: معاذ الله! قال: فهل تسمونه مشركًا؟ قال: لا].
الشيخ: هذا الأثر عن جابر ﵁ سنده صحيح، وفيه: أن جابرًا بن عبد الله سأله رجل: هل كنتم تسمون أحدًا من أهل القبلة كافرًا؟ قال: معاذ الله، فأهل القبلة الذين يستقبلون القبلة في الصلاة والذبح وغيرها ويلتزمون بأحكام الإسلام، لا يسمى أحد منهم كافرًا إلا إذا فعل ناقضًا من نواقض الإسلام أو شركًا في العبادة، ولهذا قال جابر: معاذ الله! قال: (فهل تسمونه مشركًا؟ قال: لا) لا يسمى مشركًا ولا يسمى كافرًا بل هو مؤمن يبقى عليه اسم الإيمان وأحكام الإسلام إلا إذا وجد ما ينقض ذلك من الشرك في العبادة أو ناقض من نواقض الإسلام.
12 / 13